
ـ المغرب يدخل نادي الصناعات الدفاعية الثقيلة ـ
(كش بريس/ التحرير)ـ
في خطوة تكشف عن تحوّل استراتيجي في السياسة الصناعية والأمنية للمغرب، افتتحت إدارة الدفاع الوطني المغربية ووزارة الدفاع الهندية، بشراكة مع عملاق الصناعات الدفاعية الهندية “تاتا أدفنسد سيستمز ليميتد”، مصنعًا جديدًا بمدينة برشيد جنوب الدار البيضاء يحمل اسم “تاتا أدفنسد سيستمز المغرب” (TASM). هذا المشروع يضع المملكة على عتبة مرحلة نوعية في مسار التصنيع العسكري، ويرسخ موقعها لاعبًا إقليميًا صاعدًا في سوق الصناعات الدفاعية.
المصنع الجديد سينطلق في إنتاج المركبات المدرعة القتالية WhAP 8×8، وهي من أحدث النماذج القادرة على تلبية حاجيات القوات المسلحة الملكية المغربية، مع خطة واضحة لاستهداف أسواق دولية واعدة في إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. هذه الخطوة تعني أن المغرب لا يكتفي بتأمين احتياجاته الدفاعية فحسب، بل يطمح إلى أن يصبح مصدرًا ومنافسًا في سوق السلاح العالمي.

أحد أبرز عناصر القوة في المشروع يكمن في نسبة الإدماج المحلي، إذ سيبدأ المصنع بدمج 35% من المكونات المغربية مع رفعها تدريجيًا إلى 50%، عبر برامج تكوين متخصص وتأهيل الموردين الوطنيين. هذا المسار يترجم توجهًا رسميًا نحو نقل التكنولوجيا وبناء قاعدة صناعية دفاعية محلية، وهو ما يعزز الاستقلالية الاستراتيجية للمملكة ويقلص التبعية للموردين الأجانب.
يأتي هذا التعاون في لحظة إقليمية حساسة، حيث يشهد شمال إفريقيا تنافسًا متصاعدًا في التسلح والتصنيع الدفاعي. اختيار الهند شريكًا استراتيجيًا يعبّر عن تنويع المغرب لتحالفاته بعيدًا عن المحاور التقليدية الأوروبية والأمريكية، ما يمنحه هامش مناورة أكبر على الساحة الدولية، خاصة في ظل تزايد الطلب العالمي على حلول دفاعية عالية الكفاءة وبأسعار تنافسية.
يتجاوز المشروع بعده العسكري إلى تأثير اقتصادي مباشر، من خلال خلق فرص شغل عالية التأهيل، وتحفيز منظومة من المقاولات والموردين المحليين، وتكوين جيل جديد من المهندسين والتقنيين في الصناعات الدفاعية. إنه استثمار يربط الأمن القومي بالنمو الاقتصادي، ويعكس رؤية المغرب لاعتبار الصناعة الدفاعية رافعة للسيادة والتنمية في آن واحد.
بهذه الخطوة، لا يكتفي المغرب بتحديث ترسانته العسكرية، بل يبعث رسالة واضحة: بناء قوة دفاعية محلية الصنع هو جزء من مشروع استراتيجي طويل الأمد، يجعل من المملكة فاعلًا صناعيًا وأمنيًا لا يستهان به في محيطها الإقليمي والدولي.