
(كش بريس/التحرير)ـ انتقدت جمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة، وضعية حقوق الإنسان في المغرب، متوقفة عند انتهاكات حرية التعبير واستقلالية الصحافة، والتي تأتي في طليعتها محاكمات الرأي، وتضييق الخناق على المدافعين عن الحقوق والحريات، حيث تمت ملاحقة ومحاكمة الصحافي حميد المهداوي قضائيا على خلفية تصريحات صحفية تدخل في صميم حرية التعبير، التي يكفلها الدستور.
وحذرت الجمعية (عدالة) من التدهور المقلق والتراجع المتسارع في أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، وهو ما تؤكده مؤشرات خطيرة تنذر بعودة ممارسات القمع والتضييق والإجهاز على المكتسبات الحقوقية التي تحققت عبر عقود من النضال.
وسجلت ذات الجهة، أن هذه المحاكمة الانتقامية تشكل انتهاكا صارخًا لمبدأ “حسن النية” في التعبير، كما أنها تتعارض مع الضمانات الدستورية والقانونية التي تحظر استخدام القانون الجنائي لقمع الصحفيين بدلا من إعمال المساطر التنظيمية قبل اللجوء إلى القضاء، وبالأحرى متابعتهم وفق قانون الصحافة.
كما أبرزت أن هذه الانتهاكات تتزامن مع الزلة التشريعية الأخيرة التي أثارها مشروع القانون رقم 26.25 الخاص بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة الذي أقرته الحكومة وأحالته على البرلمان بسبب ما يتضمنه من تمييز بين الصحفيين والناشرين في طرق التعيين، مما يفقد استقلالية المجلس ويُقوّض مبادئ الديمقراطية والتعددية والتنوع الإعلامي، ويُكرس هيمنة واحتكار النخب الاقتصادية للقطاع الصحفي.
وكشفت “عدالة” عن تضييق الخناق على المدافعين عن حقوق الإنسان ومكافحة الفساد، وهو ما يتضح من المتابعة القضائية للناشط الحقوقي والمحامي محمد الغلوسي، على خلفية كشفه شبهات فساد، وهو انتهاك خطير وتضييق على الأصوات المناهضة للفساد، إذ يُشكل ذلك سابقة خطيرة تهدف إلى ترهيب النشطاء وإعاقة الجهود المبذولة لمحاربة الفساد والرشوة.
وقالت عدالة، إن التعديلات التي تضمنها مشروع قانون المسطرة الجنائية بالفظيعة والمقلقة، جاءت في غياب نقاش عمومي جدي شفاف وتشاركي، حيث يهدف المشروع الى تكريس هيمنة جهاز النيابة العامة وتعزيز صلاحياتها، دون ضمانات كافية للرقابة القضائية، وتوسيع سلطات المراقبة والتجسس والملاحقات في ظروف تفتقر للشفافية والرقابة القضائية الفعالة وتفتقد لمعايير واضحة تحمي الحق في الخصوصية، إلى جانب قييد حق الجمعيات والمواطنين في رفع شكايات في جرائم تبديد المال العام.
كما انتقدت استمرار فرض القيود التعسفية على أنشطة الجمعيات المستقلة والتضييق الممنهج على حرية التنظيم والاجتماع، كان اخرها منع نشاط سينما المتوسط لحقوق الانسان.
وفي السياق عبرت عن تضامنها مع المهداوي وكل ضحايا المتابعات والملاحقات القضائية التعسفية وذات الخلفيات السياسية أو الانتقامية، وشددت على ضرورة ضمان محاكمات عادلة وفق المعايير الدولية، مع رفضها المطلق لأي محاولة لتقويض حرية التعبير أو إسكات الأصوات المستقلة التي تكشف الفساد أو تطالب بالعدالة الاجتماعية.
وشددت أيضا على أن حرية الرأي والتعبير، كما هي مكفولة في الدستور المغربي وفي الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، تعد من ركائز دولة الحق والقانون ولا يمكن إخضاعها لأي تقييد تعسفي، داعية إلى إنهاء ملاحقة الصحافيين بمقتضى القانون الجنائي بدل قانون الصحافة، كما دعت السلطات القضائية إلى إعمال كل ضمانات استقلالية القضاء.
وحذرت “عدالة” من تمرير مشروع المسطرة الجنائية في صيغته الحالية، لما يتضمنه من مساس بالحق في المحاكمة العادلة وتوسيع للسلطة العقابية، وانتهاك لاستقلالية وحرية الجمعيات، وطالبت الدولة باحترام التزاماتها، كما دعت القوى الحية الحقوقية والسياسية والنقابية، إلى التصدي الجماعي لهذا التراجع وفتح حوار وطني من أجل إصلاح تشريعي ومؤسساتي حقيقي يضمن الحقوق والحريات.