‏آخر المستجداتالمجتمع‏صوت المواطن

“على مسؤوليتي” يكتبها مدير النشر: المغرب بسرعتين.. احتجاج الجسد ضد بطء الدولة

صارت المسيرات على الأقدام إلى عمالات الأقاليم في المغرب طقسًا احتجاجيًا متكرّرًا، يختزن في خطواته معنى الفقر، والعزلة، والخذلان. هناك، في القرى البعيدة التي تلامس حدود النسيان، يمشي الناس كما لو أنهم يقطعون المسافة بين الوجود والاعتراف؛ من اكمرول وآيت بوكماز وآيت عباس بأزيلال، إلى نساء قرية تالحيانت بخنيفرة، اللواتي خرجن اليوم حاملات أطفالهن وآمالهن وشعاراتهن البسيطة: فك العزلة، رفع التهميش، طلب مدرسة ومستشفى وماءٍ وكرامة.

إنها مسيرات ببطء الوجع، لا تحمل سوى نداء الحياة. فالساكنة، حين تكلّ مؤسسات الدولة عن الإصغاء، تستعيد صوتها بالمشي. تمشي لأن المكاتب مغلقة، ولأن الأوراق لا تُجيب، ولأن الوعود باتت كلمات ميتة في نشرات الأخبار. تمشي لأن الطريق وحده أصبح لغتها الأخيرة في مواجهة الصمت الإداري المهيمن.

ومع ذلك، تظل المأساة في تكرار المشهد نفسه: كل احتجاج يولد من رحم الصبر ذاته، وكل مسيرة تنتهي عند الأبواب ذاتها. كأن البلاد، على رحابتها، قد انقسمت إلى سرعتين: سرعة من يسكن القرار والرخاء، وسرعة من يسكن الطين والانتظار.

ألم يقل الملك، في لحظة مكاشفة نادرة، إن المغرب لا يمكن أن يسير بسرعتين؟
لكن الواقع يُكذّب الخطاب؛ فالحكومة تمضي في طريقها الإسمنتي، بينما الشعب يمشي حافيًا على الطرقات الترابية، بحثًا عن معنى الوطن.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button