
(كش بريس/ التحرير (وكالات)ـ
دخل قطاع غزة عامه الثالث تحت وطأة الحرب الإسرائيلية المستمرة، رغم انطلاق جولة جديدة من المفاوضات في مصر، القائمة على خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي قبلتها إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية «حماس».
وتكشف معطيات عامين من القتل والتدمير أرقامًا مروعة، إذ تجاوز عدد الشهداء والمفقودين منذ بدء العمليات العسكرية 76.639 شخصًا، بينما فاق عدد الجرحى الـ169 ألفًا، وفق السلطات المحلية في غزة. وتشير دراسات مستقلة، مثل تحقيق رويترز ومراجعة دورية «ذا لانسيت»، إلى أن الأرقام الرسمية قد تقل بنحو 40% عن الواقع الفعلي. كما تؤكد مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومركز بتسيلم الإسرائيلي أن الإحصاءات الفلسطينية الرسمية ربما تقلل من حجم الخسائر.
الفلسطينيون كانوا الضحية الأولى لهذه الحرب الممولة اقتصاديًا، التي وثقتها المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي، مؤكدة مساهمة عشرات الشركات العالمية في دعم آلة القتل الإسرائيلية. وقد أسهم التواطؤ الدولي والعجز السياسي في تمكين إسرائيل من ارتكاب هذه الانتهاكات بزعم الدفاع عن النفس، ما أدى إلى تدمير نحو 90% من قطاع غزة، وتشريد الغالبية الساحقة من سكانه.
ولم تقتصر آثار الحرب على الخسائر البشرية، بل شملت المنظومة الصحية والتعليمية ودور العبادة، في ظل حصار متواصل ومنع وصول المساعدات الإنسانية، واستهداف طواقم الإغاثة والصحفيين، ما حرم القطاع من أي حماية بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي أصبح أحد ضحايا الحرب نفسها.
ويظل الفلسطينيون في غزة يترقبون نهاية الحرب واستعادة أسباب الحياة، إلا أن جهود الإعمار تواجه عقبات سياسية مرتبطة بتوازن القوى الدولية، وخطط إسرائيل في القطاع، بما في ذلك تهجير الفلسطينيين الذي لا يزال على جدول أجندة اليمين المتطرف.
وفي المقابل، أطلقت منظمة التعاون الإسلامي خطة عربية لإعادة الإعمار، وشكّلت الحكومة الفلسطينية لجنة تنفيذية باسم «غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة»، بهدف إنقاذ الشعب الفلسطيني والحفاظ على وجوده على الأرض، بحسب السفير الفلسطيني في جامعة الدول العربية مهند العكلوك. وتقدر تكلفة إعادة الإعمار المباشرة بين 65 و70 مليار دولار.
ورغم ذلك، يظل الواقع الميداني متقلبًا، وسط استمرار القصف اليومي من قبل جيش الاحتلال، واستمرار حصار التجويع، وتأخر تحقيق أي تقدم ملموس في مفاوضات مصر، التي تواجه تحديات تتعلق بأسماء الأسرى وشروط الانسحاب الإسرائيلي وتقليص وجودها العسكري في القطاع.
في ضوء هذه المعطيات، يظهر أن معركة غزة لم تنتهِ بعد، وأن السلام والاستقرار لا يزالان رهينين بالقرار الدولي، وبقدرة المجتمع الدولي على فرض التزامات إسرائيلية حقيقية لحماية السكان المدنيين وإعادة بناء القطاع.