‏آخر المستجداتفنون وثقافة

فوز مغربي بلغة عربية واحدة.. الائتلاف الوطني يتألق في جائزة الملك سلمان

(كش بريس/التحرير)ـ يأتي فوز الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمغرب بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في دورتها الرابعة لسنة 2025، تتويجًا لمسارٍ ثقافي وفكري يعكس التحولات الجارية في المشهد اللغوي العربي، حيث تتقاطع فيه رهانات الهوية والسيادة الثقافية مع تحديات العولمة الرقمية والمعرفية.

فالحدث، وإن بدا في ظاهره تكريمًا أكاديميًا لمبادرات لغوية، إلا أنه في عمقه يحمل دلالات رمزية تتجاوز حدود الجائزة، لتمس جوهر سؤال اللغة العربية في عصرٍ تتنازع فيه اللغات والمفاهيم والرموز.

يمكن قراءة هذا التتويج على أنه اعتراف دولي بفعالية المجتمع المدني المغربي في حماية اللغة العربية من التراجع إلى الهامش، في ظل هيمنة اللغات الأجنبية في التعليم والإدارة والإعلام. لقد استطاع الائتلاف أن يبلور خطابًا لغويًا حديثًا يجمع بين الوعي السياسي بالسيادة اللغوية والرؤية الثقافية المنفتحة على التعدد والحداثة. فنشاطاته، الممتدة من التحسيس المجتمعي إلى الدفاع المؤسسي عن مكانة العربية، جعلته فاعلًا رئيسًا في ما يمكن تسميته بـ”ديبلوماسية اللغة”، أي قدرة الفعل الثقافي غير الرسمي على التأثير في السياسات العمومية.

من جهة ثانية، فإن منح الجائزة في فرع نشر الوعي اللغوي وإبداع المبادرات المجتمعية يعكس تحولًا في فهم قضية اللغة داخل الفضاء العربي؛ فالعربية لم تعد قضية تعليمية أو نحوية فحسب، بل قضية وجودية وتنموية، ترتبط بالتحول الرقمي، وصناعة المحتوى، والهوية الثقافية للأمم. وهنا تبرز حكمة المجمع السعودي في جعل الجائزة أحد أذرع القوة الناعمة التي تعيد للعربية إشعاعها ضمن مشروع ثقافي يتكامل مع سياسات تنمية القدرات البشرية.

الأكيد أن هذا الفوز يضع على عاتق الائتلاف المغربي مسؤولية مضاعفة، الانتقال من الوعي الدفاعي إلى الفعل البنائي، ومن المرافعة عن اللغة إلى ابتكار نماذج تعليمية وتكنولوجية مستدامة تعزز حضور العربية في الفضاء الرقمي والمعرفي. فالمعركة القادمة ليست فقط معركة اعتراف، بل معركة تمكين وإبداع، تتطلب تحويل الخطاب اللغوي إلى سياسات واقعية ومشاريع إنتاج معرفي ومحتوى رقمي تنافسي.

إنّ الجائزة، في بعدها الرمزي، تجسر المسافة بين المشرق والمغرب في خدمة العربية، وتؤكد أن اللغة ما تزال أفقًا جامعًا للأمة العربية حين تتوافر الإرادة والرؤية والابتكار. وبهذا، يصبح الحدث أكثر من تكريم، إنه تجديد للعهد الثقافي بين العربية وأبنائها، وإشارة إلى أن المستقبل اللغوي العربي يُصاغ اليوم في مختبرات الفكر المدني، لا في مؤسسات الخطابة وحدها.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button