
(كش بريس/آسفي من أحمد شارط)ـ لم تكن الفيضانات التي اجتاحت إقليم آسفي، مساء الأحد، مجرّد حادث مناخي عابر، بل صفعة عنيفة كشفت هشاشة التدبير وعمق الإهمال المتراكم. ففي أقل من ساعة، حوّلت تساقطات رعدية قوية المدينة إلى فضاء للفوضى والخراب، مخلفة خسائر بشرية ومادية فادحة، كان يمكن الحدّ منها لو توفرت الجاهزية والوقاية بدل منطق ردّ الفعل المتأخر.

وحسب المعطيات الرسمية، خلّفت هذه الكارثة المؤلمة سبع وفيات، إلى جانب إصابة عشرين شخصاً نُقلوا على وجه السرعة إلى مستشفى محمد الخامس، في مشهد يعيد إلى الواجهة سؤال المسؤولية عن أرواح ضاعت وسط غياب البنية الوقائية وتراكم اختلالات التهيئة الحضرية.

أما على المستوى المادي، فقد غرقت نحو سبعين منزلاً ومحلاً تجارياً بالمدينة العتيقة، خصوصاً بشارع بئر أنزران وساحة أبو الذهب، في صورة تختزل سنوات من التغاضي عن تصريف المياه وإهمال الأحياء الهشة. وجرفت السيول عشر سيارات، وقطعت الطريق الإقليمية رقم 2300 الرابطة بين آسفي وجماعة احرارة، ما شلّ حركة السير وكشف ضعف البنية الطرقية أمام أول اختبار طبيعي حقيقي.

ورغم إعلان السلطات عن تعبئة طارئة وتدخلات ميدانية، فإن الواقع يفرض تساؤلاً ملحّاً: لماذا لا تتحرك السياسات العمومية إلا بعد سقوط الضحايا؟ فالكارثة لم تكن مفاجئة بقدر ما كانت نتيجة مباشرة لغياب الاستباق، وتراكم اختلالات التخطيط، وترك المدينة رهينة لمزاج المناخ. وما لم يُفتح نقاش جدي حول المسؤوليات والوقاية، ستظل آسفي وغيرها من المدن تدفع ثمن الإهمال عند كل مطر غزير.





