
ـ تجديد الأسطول السككي استعدادًا لمونديال 2030 ـ
في ظل التحولات التي يشهدها قطاع النقل بالمغرب، قدّم وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، عرضاً أمام مجلس النواب كشف فيه عن تفاصيل خطة طموحة لتحديث الأسطول السككي الوطني وتطوير البنية التحتية المرتبطة به، في أفق سنة 2030، بما ينسجم مع الاستعدادات الجارية لاحتضان المملكة لمنافسات كأس العالم لكرة القدم. وأوضح الوزير أن المخطط يشمل تحديث 346 عربة قطار واقتناء 60 عربة جديدة، إلى جانب 30 قاطرة من الجيل الجديد المزوّدة بنظام توليد كهرباء بدرجة 380 فولت. كما أشار إلى أن المكتب الوطني للسكك الحديدية بصدد اقتناء 168 قطاراً جديداً، من بينها 18 قطاراً فائق السرعة، في إطار رؤية تهدف إلى جعل النقل الحديدي أكثر جاذبية، وتيسير الربط بين المدن الكبرى والمراكز الجهوية الصاعدة.
وفي ما يتعلق بالسلامة الطرقية، أبرز قيوح أن المغرب تمكّن، خلال الفترة الممتدة بين 2015 و2024، من تقليص نسبة الوفيات الناجمة عن حوادث السير بأكثر من 15.6 في المائة، وهو تطور يُعزى إلى عمل الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، التي أُنشئت سنة 2020 لتنسيق الجهود بين مختلف المتدخلين، من درك وأمن ووقاية مدنية ووزارتي الداخلية والصحة. غير أن الوزير نبه إلى أن هذه الحصيلة الإيجابية تخفي مؤشراً مقلقاً يتمثل في ارتفاع الوفيات وسط مستعملي الدراجات النارية بنسبة فاقت 63 في المائة، ما يستدعي، حسب قوله، مضاعفة الجهود في مجالات المراقبة والتحسيس والصرامة في تطبيق القوانين.
أما في ما يخص النقل المخصص للعمال، فأوضح المسؤول الحكومي أن هذا النوع من النقل مؤطر قانوناً ويخضع لمقتضيات دفاتر التحملات الخاصة، مشيراً إلى أن الوزارة ترخص لممارسة النشاط في إطار نقل الأشخاص لحساب الغير، وأنها تشتغل بتنسيق مع وزارة الداخلية على دراسة وطنية لأحواض التنقل، من شأنها تحديد الحجم الحقيقي لأسطول النقل بمختلف أنواعه، تمهيداً لإعادة تنظيم القطاع على أسس أكثر دقة وعدالة.
ويعكس مجمل ما ورد في عرض وزير النقل توجهاً استراتيجياً يروم إعادة بناء السياسة العمومية في مجال النقل واللوجستيك على أسس التحديث والنجاعة والاستدامة. فالمغرب يسعى إلى جعل النقل السككي رافعة للتنمية الترابية ولتيسير الحركة الاقتصادية والسياحية، بالتوازي مع إصلاحات مؤسساتية تروم تعزيز السلامة الطرقية وتنظيم النقل المهني. غير أن هذه الأهداف الطموحة تظل رهينة بقدرة الدولة على تفعيل هذه البرامج على أرض الواقع، ومعالجة الاختلالات البنيوية التي تعاني منها المنظومة، سواء في توزيع الخدمات بين الجهات أو في تأهيل الموارد البشرية وضمان التمويل المستدام. فبين طموح التحديث ورهانات التنفيذ، يقف قطاع النقل المغربي أمام امتحان مزدوج: تحديث البنية والمعدات من جهة، وتحديث الثقافة التدبيرية والإدارية من جهة أخرى.





