‏آخر المستجداتفنون وثقافة

كتب جمال سلطان (مصر): عندما زار نزار قباني سيد قطب ليكتب عن ديوانه “طفولة نهد” !

في أواخر الأربعينات من القرن الماضي “العشرين” كان نجم الأديب والناقد الأدبي سيد قطب قد انتشر بشكل واسع، خاصة بين الأجيال الأدبية الشابة، وعرف عنه أنه يهتم بإبداعاتهم ، ويأخذ بأيديهم، ويكتب عنهم، لذلك كانوا يتقربون منه، وأول باب أدبي أو صحفي يطرقونه هو باب سيد قطب، خاصة وأنه قد عرف وقتها أنه هو الذي عرف المجتمع الأدبي على الأديب الشاب وقتها “نجيب محفوظ” وعرف بقصصه، ففتح له باب الشهرة، وتنبأ له بمكانة كبيرة في عالم الرواية، وهو ما تحقق بعد ذلك، وكان نجيب قبلها يعاني من التجاهل، لدرجة أنه فكر في الانتحار.

وعندما أسس الأديب الكبير عبد الحميد جودة السحار “لجنة النشر للجامعيين” عام 1943م، للاهتمام بالأقلام الشابة، كان سيد قطب هو أيقونة الدار، رغم أنه كان قد جاوز بشهرته هؤلاء الشبان، لكنه من باب الاهتمام بالكتابات الشابة والتعريف بهم، وقد ساهم “سيد” في تلك الفترة بفتح أبواب الكتابة أمام أشقائه الثلاثة : محمد، وحميدة، وأمينة، فنشرت بعض أعمالهم الأدبية في تلك الفترة، من خلال اللجنة.

يصف المؤرخ الأدبي الراحل “وديع فلسطين” ـ صديق سيد ـ ذلك بقوله : “كان سيد قطب وقتها على شهرة أدبية عريضة باعتباره ناقد مجلة «الرسالة» لصاحبها أحمد حسن الزيات ، وإن كانت مقالاته تنشر في عدد غير قليل من المجلات منها صحيفة “دار العلوم” و “المقتطف” و”الكاتب المصري” و”الكتاب» و«البلاغ الأسبوعي” ومجلة وزارة الشؤون الاجتماعية وغيرها ،وعندما استقال يوسف شحاتة من عمله في دار المعارف، واتخذ لنفسه دار نشر جديدة أطلق عليها اسم العالم العربي، رغب في إصدار مجلة شهرية تحمل اسم العالم العربي، فعهد إلى سيد قطب في رئاسة تحريرها”.

وكانت شهرة سيد قطب كأديب وناقد أدبي كبير قد تجاوزت مصر إلى البلاد العربية، خاصة وأن مجلة الرسالة، التي كان ينشر فيها مقالاته، كانت قد انتشرت انتشارا واسعا في أوساط النخب الأدبية والثقافية العربية في الشام والعراق والجزيرة العربية ، فكان الأدباء، وخاصة الأدباء الشبان، يقصدون لزيارته في القاهرة، من أجل أن يطلعوه على انتاجهم الأدبي، ورغبة منهم في أن يكتب عنهم ويعرف بإنتاجهم من خلال قلمه ذائع الصيت.

كان من هؤلاء الأدباء الشبان وقتها، الشاعر السوري “نزار قباني”، كان شابا في العشرينات من عمره آنذاك ، وقد نزل القاهرة حاملا ديوانه الثاني “طفولة نهد”، وطلب من صديقه الصحفي والأديب “وديع فلسطين” أن يعرفه على الأديب الكبير “سيد قطب” ، وأن يزوره في بيته لإهدائه ديوانه الجديد، أملا في أن ينشر عنه مقالا ، وزاره بالفعل في بيته في حلوان مصحوبا بوديع فلسطين، غير أن سيد تجاهل ديوان نزار بعد ذلك، ولم يكتب عنه شيئا، ولم يشر إليه بشيء في كتاباته، وعندما سأله “وديع” عن ذلك، قال أن “نزار” انتقل بالشعر إلى غرف النوم !!، وأنه لم يرغب في الكتابة عنه شفقة عليه، وحتى لا يقسو عليه، إذ يبدو أنه استفزه.

يقول “وديع فلسطين” في كتابه اللطيف “وديع فلسطين يتحدث عن أعلام عصره” : “لم أزر سيد قطب في بيته في ضاحية حلوان – التي اختارها للإقامة فيها بسبب جوها الدافئ الجاف ولا سيما في فصل الشتاء بعدما أصيب بداء الصدر -إلا مرة واحدة في عام ١٩٤٨ مستصحباً الشاعر نزار قباني (۱۹۲۳ – ۱۹۹۸) الذي رغب في إهداء ديوانه طفولة نهد إلى ناقد «الرسالة» ولكن كان من رأي سید قطب، الذي أعرب لي عنه بعد ذلك، أن نزار قباني نقل الشعر إلى المخادع، فتحرج هو من إدارة أي مقال نقدي حوله ترفقاً به .

ولم يكرر نزار بعد ذلك مقابلة سيد قطب، أو يهديه أيا من دواوينه .

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button