
(كش بريس/ التحرير) ـ
شهد محيط وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالرباط، أمس الثلاثاء، تنظيم اعتصام دعت إليه كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، في خطوة تصعيدية قالت إنها تروم لفت الانتباه إلى تعثر معالجة الملفات المطلبية العالقة. وقد اعتبرت الكنفدرالية هذه الوقفة امتداداً لتحركات سابقة، شملت إصدار بيانات احتجاجية، وتهديداً بخوض إضرابات وطنية، في سياق سعيها إلى الضغط على الوزارة لدفعها إلى تقديم حلول ملموسة.
غير أن هذه الخطوة سرعان ما أفرزت اختلافاً واضحاً في التوجه مع النقابة الوطنية لصيادلة المغرب، التي قللت من أهمية الاعتصام بعد أن لم يتجاوز عدد المشاركين فيه مائة صيدلي فقط من أصل 14 ألفاً عبر التراب الوطني، معتبرة أن هذه النسبة “محدودة ولا تعكس إجماع المهنة على خيار التصعيد”.

النقابة الوطنية رأت أن ما أقدمت عليه الكنفدرالية تحركٌ “تقوده أطراف ذات توجهات إيديولوجية تسعى إلى بث الفرقة داخل المهنة”، محذرة مما سمّته “محاولات استغلال الصيادلة لحرف نضالهم المشروع عن مساره”. وبالمقابل، أكدت النقابة أن المفاوضات الثلاثية التي تقودها بمعية نقابتين أخريين مع وزارة الصحة لا تزال متواصلة في أجواء بنّاءة، وأن الوزارة تبدي “انفتاحاً على النقاش واستعداداً لتقديم حلول عملية”.
هذا التباين في المقاربات يعكس وجود تيارين داخل الجسم الصيدلي:
- تيار الكنفدرالية الذي يفضل نهج التصعيد عبر الاعتصامات والاحتجاجات كوسيلة ضغط.
- تيار النقابة الوطنية الذي يصر على خيار الحوار والتعاون المؤسساتي باعتباره السبيل الأكثر نجاعة لضمان مكتسبات مستدامة.
وقد حرصت النقابة الوطنية، في ختام بلاغها، على توجيه رسائل مزدوجة: الأولى إلى الصيادلة بالدعوة إلى اليقظة والوحدة وتجنب الانقسام، والثانية إلى وزارة الصحة عبر تجديد الشكر للوزير على تواصله ودعمه، بما يؤشر على رغبة واضحة في ترسيخ منطق الشراكة بدل المواجهة.

تُبرز التطورات الأخيرة أن الكنفدرالية اختارت خطوات تصعيدية لم تُسفر عن تعبئة واسعة، ما فتح الباب أمام النقابة الوطنية لتأكيد موقعها كفاعل رئيسي في الحوار مع الوزارة. وبين خيار الاحتجاج وخيار التفاوض، يظل التحدي الأكبر أمام الجسم الصيدلي هو الحفاظ على وحدة الصف وتفادي الانقسام الذي قد يُضعف قوته الترافعية أمام صانع القرار.