
(كش بريس/خاص)ـ للمرة الثانية تعلن الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها من منظمة اليونسكو، مرتان تحت حكم ترامب. انسحب ترامب من اليونسكو عام 2018، ثمّ جاء بايدن فأعاد عضوية بلاده في اليونسكو عام 2023، ثمّ ذهب بايدن وجاء ترامب مرة ثانية، فأعاد سحب عضوية بلاده من اليونسكو.
المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، أودري أزولاي، عبرت عن أسفها الشديد لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب مجددًا من المنظمة، مؤكدة أن القرار، الذي يدخل حيّز التنفيذ نهاية دجنبر 2026، يتعارض مع مبادئ التعددية ويشكل ضربة للشراكات الثقافية والتعليمية والعلمية مع الولايات المتحدة.
وحسب بيان لليونسكو، أكدت أزولاي على أن القرار الأمريكي “قد يؤثر في المقام الأول على شركائنا في الداخل الأمريكي، من بينهم مجتمعات محلية تعمل على إدراج مواقعها ضمن قائمة التراث العالمي، بالإضافة إلى مبادرات المدن المبدعة والكراسي الجامعية”.
ورغم أن القرار “يبعث على الأسف”، إلا أن اليونسكو كانت مستعدة له، بحسب المديرة العامة التي أوضحت أن المنظمة قامت منذ 2018 بإصلاحات هيكلية وبتنويع مصادر تمويلها، مما خفف من تداعيات انسحاب واشنطن المالي. وأضافت أن مساهمة أمريكا لم تعد تتجاوز 8 في المئة من الميزانية العامة لليونسكو، بعدما كانت تشكل 40 في المئة في بعض وكالات الأمم المتحدة، في وقت تواصل فيه الميزانية العامة للمنظمة نموها المطرد.
وشددت الرئيسة الحالية لليونسكو، وهي نجلة المستشار الملكي المغربي أندريه أزولاي، على دعم من دول أعضاء ومساهمين من القطاع الخاص، ضاعفت مساهماتها الطوعية منذ 2018، مشددة على أن القرار لن يترتب عنه حاليًا أي تسريح في صفوف موظفي المنظمة.
وأضافت بهذا الخصوص، إن الانسحاب الأمريكي يأتي رغم التراجع الكبير في حدة التوترات السياسية، ورغم الدور المهم الذي أصبحت تلعبه اليونسكو كمنتدى نادر لتوافق الآراء حول التعددية الملموسة والعملية.
ولم تفوت أزولاي انتقادها المبررات المقدّمة من الإدارة الأمريكية، معتبرة أنها لا تعكس واقع التحولات التي شهدتها المنظمة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك دورها المحوري في قضايا حساسة مثل مكافحة معاداة السامية وتعليم الهولوكوست، حيث تُعد اليونسكو الوكالة الأممية الوحيدة المكلفة بهذا المجال، بدعم من مؤسسات يهودية بارزة داخل الولايات المتحدة وخارجها.
واستعرضت أزولاي أبرز إنجازات المنظمة خلال الأعوام الماضية، من بينها إعادة إعمار المدينة القديمة في الموصل، واعتماد أول وثيقة تنظيمية دولية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وتنفيذ برامج دعم ثقافي وتعليمي في مناطق نزاع مثل أوكرانيا ولبنان واليمن، إضافة إلى تعزيز الجهود في مجالات التنوع البيولوجي وتعليم الفتيات.
ورغم “تقلص الموارد”، أكدت المديرة العامة لليونسكو أن المنظمة ستواصل مهامها بالالتزام نفسه، قائلة: “هدف اليونسكو هو الترحيب بجميع أمم العالم، والولايات المتحدة الأمريكية كانت وستظل دائمًا موضع ترحيب”.
وشددت على أن التعاون سيستمر مع الشركاء الأمريكيين في القطاع الخاص، والجامعات، والمؤسسات غير الربحية، مبدية رغبة المنظمة في مواصلة الحوار السياسي مع الإدارة الأمريكية والكونغرس.