‏آخر المستجداتفنون وثقافة

إصدار حقيبة بيداغوجية خاصة بالمهارات الحياتية والمواطنة

كتب: عبد الرحيم الضاقية

    في مبادرة توثيقية ذات أهمية بالغة على مستوى تمكين الفاعلين/ات من أدوات تنفيذ المشاريع التربوية، أقدمت وزارة التربية الوطنية على إصدار وثيقة تجميعية لأعمال وأنشطة تنزيل مشروع المهارات الحياتية المواطنة C.V.C الذي امتد به العمل من دجنبر 2017 إلى نهاية 2021. ويعتبر هذا العمل دفعة قوية بالنسبة لتنفيذ مكونات المشروع سواء على مستوى الفصل الدراسي أو خارجه، وكذا توفير عُدة قابلة للتنفيذ أثناء إعادة بناء منهاج السلك الإعدادي الذي تنكب عليه الوزارة حاليا. وقد ضمَت الحقيبة أربع أقسام:

1.الإطار العام لتطوير مهارات الحياة والمواطنة في التعليم الثانوي الإعدادي؛

2. مهارات الحياة والمواطنة في الأنشطة الصفية؛

3. مهارات الحياة والمواطنة في الأنشطة اللاصفية؛

4.مهارات الحياة والمواطنة بمدارس الفرصة الثانية.

وقد اشتملت الوثيقة على مختلف أنشطة المشروع الذي نفذ بدعم تقني من منظمة اليونيسيف حيث ضمت الحقيبة تقديما للخلفيات النظرية والعملية للمقاربات المعتمدة في إدماج المهارات الحياتية في المنهاج الدراسي وكذا في أنشطة الحياة المدرسية وفي إطار مدرسة الفرصة الثانية. ويذكر أن المشروع تم تجريبه في أربع أكاديميات (طنجة – الشرق – مراكش- أكادير)، وقد تألفت لأجل ذلك فرق جهوية من مختلف التخصصات نسق أعمالها مفتشون/ات، وفرق إقليمية اقتصرت في البداية على تخصص واحد في مؤسسة واحدة للتجريب قبل أن يتم التوسيع ليضم عدة مؤسسات وكافة المواد الدراسية. وقد انتجت الفرق بطاقات منهجية عبارة أن جذاذات وسينايوهات للتنفيذ بلغ عددها الإجمالي 1533 بطاقة خضعت للتدقيق والتعديل والمصادقة من طرف خبراء وطنيين ودوليين قبل تجريبها في الفصول الدراسية بحضور نفس مكونات الخبرة. واستطاع الفريق الوطني من المفتشين/ات والمكونين/ات قراءة المنهاج الدراسي للإعدادي على ضوء مقاربة المهارات الحياتية بناء على إطارها المنهجي مما أنتج دلائل تخصصية بعضها تمت رقمنته على شكل برنام معلوماتي (التربية الإسلامية) قابل للتنفيذ. ثم انتقل التجريب إلى الحياة المدرسية عبر إخراج المهارات 12 من اقسام إلى النوادي التربوية وأنشطة الحياة المدرسية مما حتم الانفتاح على الإدارة التربوية التي ساهمت بشكل فعال في توسيع المشروع عبر التكوين بالنظير وإدماج المهارات الحياتية ضمن مشروع المؤسسة المندمج الخاص بها مما أفرز تجارب رائدة عكستها الصحافة الجهوية في حينها على مستوى بعض المديريات. وبعد هذه التجربة الغنية أصبح من السهل الانفتاح على مدارس الفرصة الثانية التي أعطت للمشروع قيمة مضافة حيث أصبح دامجا لفئات تعرف صعوبات على مستوى مسارها الدراسي العادي. وقد اقتضت هندسة التكوين تنويع الوضعيات عبر لقاءات مركزية وجهوية وورشات تخصصية وغير تخصصية من أجل بناء شبكات التقويم واعتماد عناصر يقظة كانت حاسمة في بناء نمذجة تستطيع التكيف مع جميع الوضعيات التعلمية والتنشيطية التي اقتضتها مكونات المشروع. هذا التوجه أكسب الفريق الوطني خبرة ومعرفة ميدانية بالوضعيات المختلفة بناء على ورشات التقاسم والاسترجاع التي كانت ُتقام بحضور فريق الخبرة الدولي الذي كان حاضرا ضمن التجريب في المؤسسات التعليمية في مناطق نائية. كما تم فتح التجربة الوطنية على التجربة الفلسطينية في إحدى اللقاءات عبر تقاسم الممارسات على مستوى مدارس الضفة والقطاع وجامعة بيرزيت التي قامت بتأسيس المشروع وتتبعه أكاديميا.

وبالنظر إلى تداعيات المشروع المحتملة على بناء المنهاج المستقبلي وبحكم وروده في عدة توصيات للتقارير الوطنية والدولية من قبيل النموذج التنموي الجديد ودخوله في العديد من مكونات التعليم الجامعي. فإن هذه الوثيقة تعد سندا مهما للجميع على مستوى التنزيل، إلا أنها أغرقت بالعديد من المقالات والنظريات والمداخلات المنزوعة السياق والغارقة في التنظير البعيد عن واقع الفصل الدراسي المغربي. كما أن العديد من المفاهيم الغريبة تسربت إلى الوثيقة بترجمة تقريبية لم تكن موضوع تداول الفرق الوطنية والجهوية والمحلية لا أثناء إرساء المشروع ولا أثناء التجريب. كما أن بعض الوثائق قد أقحمت في الحقيبة البيداغوجية وكانت في طور النقاش الذي لم يتم بفعل تداعيات الجائحة التي أوقفت جل الأنشطة الحضورية لكن الفريق كانت له اقتراحات وتوصيات لتحسين الوثائق (نموذج الدليل البيداغوجي). أما الشبكات فقد بُدل فيها مجهود كبير من أجل البلورة والتجريب من طرف الفرق الجهوية وفريق خبراء مكتب الخبرة الدولي (F.E.I) حتى أصبحت عملية، لكن بعضها ورد في الوثيقة منزوع السياق وصعب المناولة مما قد يضعف من وظيفيتها. وفي إطار الإنتاج فقد اسفرت اللقاءات والورشات عن وضع مئات من الجذاذات والبطاقات المنهجية (1533بطاقة في المجموع) في جميع المواد غاية في الاتقان والحرفية، لكنها لم ترد في الحقيبة مما حرم الجميع من ولوج التجربة من الداخل. لأن هذه البطاقات تمثل الدروس والمضامين التي يشتغل عليها الأساتذة/ات يوميا وسوف يكتشفون المشروع عمليا من خلال التعديلات والاجتهادات التي أدخلها زملاؤهم/ن الذين يُكونون الفرق الإقليمية والمحلية. أكثر من ذلك أنتجت الفرق كبسولات مصورة لدروس تفعل المهارات 12 ووضعت على اليوتيوب لكن لم تتم الإحالة عليها في الحقيبة، ولن تخفى أهميتها في نمذجة الفعل التدريسي في مجموع المواد التي عرفت التجريب بما فيها التربية التشكيلية والموسيقية. كما لم تعكس الوثيقة البرامج والأنشطة التي شهدتها بعض المؤسسات في إطار أنشطة الحياة المدرسية وكيفية الإبداع فيها من خلال دمج المهارات في مشاريع بعينها. فما قُدم في الحقيبة عبارة عن بطاقات وشبكات منزوعة السياق وصعبة الولوج على من لم يكن مواكبا للمشروع على الأرض. اما على مستوى مدارس الفرصة الثانية فما قدم في الحقيبة كان هزيلا اقتصر على بعض محاور التكوين أغلبها متداخلة، دون نماذج عملية وظيفية يمكن تنفيذها ضمن أنشطة المؤسسات.

من الجدير بالإشارة إلى أن الحقيبة تتكون من 249 صفحة من القطع الكبير صدرت سنة 2022 عن مديرية المناهج بدعم من منظمة اليونيسيف، نتمنى أن يتم إصدار نسختها الرقمية ووضعها على موقع الوزارة من أجل الاستئناس بها من طرف الجميع.

‏مقالات ذات صلة

Back to top button