
(كش بريس/خاص)ـ
أعلن مجلس الأمن الدولي عن برمجة ثلاث جلسات مغلقة خلال شهر أكتوبر الجاري لمناقشة تطورات قضية الصحراء المغربية، وذلك بمبادرة من روسيا التي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس هذا الشهر، في خطوة تعيد الزخم إلى أحد أقدم الملفات المطروحة أمام الهيئة الأممية.
🔹 جلسات متتابعة وحسابات دبلوماسية دقيقة
وفق برنامج العمل الشهري للمجلس، ستُعقد الجلسة الأولى يوم 8 أكتوبر، يقدم خلالها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إحاطة شاملة حول نتائج جولاته الأخيرة مع الأطراف المعنية، وما خلص إليه من ملاحظات بشأن فرص استئناف العملية السياسية المتوقفة.
أما الجلسة الثانية، المقررة في 10 أكتوبر، فستخصص لعرض تقرير تقني يقدمه ألكسندر إيفانكو، رئيس بعثة المينورسو، يتناول فيه الظروف الميدانية والتحديات اللوجستية والأمنية التي تواجه البعثة في مناطق انتشارها.
وسيُختتم جدول الاجتماعات في 30 أكتوبر بجلسة ثالثة مخصصة للتصويت على قرار تجديد ولاية بعثة المينورسو، وسط معطيات دبلوماسية ترجّح تقليص مدة الولاية إلى ستة أشهر بدل سنة، في إشارة إلى رغبة المجلس في الإبقاء على الملف قيد المتابعة المستمرة وممارسة ضغوط إضافية على الأطراف لإحياء المفاوضات السياسية.
🔹 توازنات معقدة ومواقف متباينة
تأتي هذه التطورات في سياق اهتمام أمريكي وأوروبي متجدد بالملف، حيث تواصل واشنطن تأكيد اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، بينما تعيد كل من فرنسا وإسبانيا وبريطانيا التأكيد على دعمها لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007، باعتباره الإطار الأكثر واقعية وجدية للتسوية النهائية للنزاع.
في المقابل، تبرز الجزائر كـ”فاعل رئيسي غير مباشر” في النقاشات الأممية، إذ تعتبر الطرف الداعم والممول لجبهة “البوليساريو”، وتسعى من خلال تحركاتها الدبلوماسية إلى إعادة تعريف موقعها كطرف مراقب في النزاع رغم تأكيد الأمم المتحدة المتكرر على مسؤولية الأطراف الأربعة في المسار السياسي.
🔹 موسكو بين الحياد المعلن والمصالح الخفية
تثير المبادرة الروسية بعقد ثلاث جلسات متقاربة تساؤلات حول خلفيات هذا التحرك في التوقيت الراهن.
ففي الوقت الذي تعلن فيه موسكو التزامها بـ”الحياد الإيجابي”، يرى مراقبون أن روسيا تسعى لاستثمار الملف كورقة توازن في علاقاتها مع القوى الغربية، خصوصاً بعد تراجع نفوذها في ملفات أخرى داخل المنطقة المغاربية.
كما أن توقيت عقد الجلسات قبيل التصويت على قرار التجديد يوحي برغبة روسية في إعادة توجيه النقاش حول مهام المينورسو وربما فرض إيقاع جديد على آليات المتابعة الأممية.
🔹 المغرب يرسخ حضوره ويعزز رصيده الدبلوماسي
من جهته، يدخل المغرب هذه الجولة الأممية بثقة دبلوماسية متزايدة، مستنداً إلى مكاسب سياسية واعترافات دولية متنامية بدعم مقترحه للحكم الذاتي، وإلى تطورات ميدانية وأمنية مستقرة في الأقاليم الجنوبية.
ويرى محللون أن الرباط تسعى إلى تحويل الدعم الدولي المتزايد إلى موقف مؤسساتي أممي أكثر وضوحاً، خاصة في ظل اتساع الفجوة بين الموقف المغربي القائم على الواقعية، والموقف الجزائري القائم على التصلب الإيديولوجي.
🔹 نحو دورة أممية فاصلة
تُعدّ دورة أكتوبر الحالية واحدة من أكثر المحطات حساسية في مسار قضية الصحراء خلال السنوات الأخيرة، إذ يُنتظر أن تحدد مخرجاتها ملامح المرحلة المقبلة، سواء على مستوى تجديد الثقة في آليات الأمم المتحدة، أو في بلورة توافقات جديدة تعيد إطلاق العملية السياسية على أسس واقعية ومتوازنة.
وفي ظل استمرار التجاذب بين منطق الحل السياسي الواقعي الذي يدعمه المغرب ومعظم القوى الدولية، ومنطق الانفصال والتصعيد الذي تتبناه الجزائر والبوليساريو، يبدو أن مجلس الأمن مقبل على اختبار حقيقي لقدرته على الحفاظ على توازنه الدبلوماسي دون الوقوع في فخ التسييس أو الاستقطاب الإقليمي.