
(كش بريس/خاص)ـ أعلنت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عن مشاركة عدد من قيادييها في هذه المبادرة التي وصفتها بـ”الإنسانية النبيلة”، مؤكدة دعمها اللامشروط لكل الناشطين الدوليين المنخرطين في هذا التحرك البحري الضخم، الذي يُعدّ الأكبر من نوعه منذ سنوات. ويضم هذا الأسطول عشرات السفن المحمّلة بمساعدات إنسانية أساسية، في محاولة جريئة لفكّ الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة، ولفت أنظار العالم إلى فداحة الوضع الإنساني هناك، وكسر حالة الصمت الدولي المريب.
وخلال اجتماعها الشهري عن بعد، شددت المجموعة على أن هذه الخطوة تمثل رسالة سياسية وأخلاقية بأن الغزيين يمتلكون الحق غير القابل للتصرف في الغذاء والدواء وسبل الحياة الكريمة، وأن استمرار الحصار يمثل جريمة موصوفة وفق القانون الدولي، ومساساً صريحاً بالحقوق الإنسانية الأساسية. وفي المقابل، أدانت بشدة التهديدات الإسرائيلية باعتراض الأسطول واعتقال المشاركين فيه، معتبرة أن هذه الممارسات تكشف عن خشية الاحتلال من أي مبادرة تُحرج صورته أمام الرأي العام العالمي.
ولم يقتصر تحرك المجموعة على دعم الأسطول فحسب، بل أعلنت عن انخراطها في فعاليات شبكة “كلنا غزة – كلنا فلسطين”، بدعوة كافة مكوناتها إلى تنظيم إضراب عالمي عن الطعام في محطتين رمزيتين:
- يوم 16 شتنبر، تزامناً مع الذكرى الأليمة لمجزرة صبرا وشاتيلا.
- يوم 23 شتنبر، الذي يتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، قصد الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ موقف ملموس إزاء المأساة الفلسطينية.
الاجتماع ذاته توقف عند تصاعد جرائم الإبادة في غزة، بما يشمل الاستهداف الممنهج للمساكن والمستشفيات والمدارس والبنى التحتية، وهو ما أدى إلى انتشار المجاعة والأوبئة، في ظل حصار خانق يُنفّذ بدعم غربي، خاصة من الولايات المتحدة. هذا الربط بين الأبعاد الإنسانية والسياسية يعكس وعياً متنامياً بأن معاناة غزة ليست نتيجة ظرفية، بل جزء من استراتيجية تطهير عرقي متكاملة الأركان.
وفي بعد إقليمي، تطرقت المجموعة إلى الوضع السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد، محذّرة من أن موجة التطبيع مع إسرائيل تُستخدم كوسيلة لخنق حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، خاصة عبر تشديد القيود على الحدود والموارد. كما أدانت بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي على اليمن، معتبرة إياه اعتداءً صارخاً على سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، وداعية مجلس الأمن والجمعية العامة إلى الاضطلاع بمسؤولياتهما لحماية السلم والأمن الدوليين.
البيان يحمل في مضمونه ثلاثة مستويات متداخلة:
- المستوى الإنساني: حيث يسعى “أسطول الصمود” إلى تسليط الضوء على الكارثة المعيشية في غزة وكسر الطوق الإعلامي المفروض حول معاناة السكان، وذلك بتوظيف رمزية القوافل البحرية التي تستحضر تجربة “أسطول الحرية” سنة 2010.
- المستوى السياسي: انخراط فعاليات مدنية وشعبية من مختلف الدول يضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع الرأي العام العالمي، بما يحدّ من قدرتها على تبرير الحصار أو شرعنته. كما أن ربط التحركات بأحداث تاريخية مثل مجزرة صبرا وشاتيلا يعزز البعد الرمزي للمقاومة المدنية.
- المستوى الإقليمي – الدولي: تزامن النقاش حول غزة مع ملفات سوريا واليمن يكشف عن مقاربة ترى الصراع العربي-الإسرائيلي ضمن شبكة أوسع من التدخلات الإقليمية والدولية، حيث يُستعمل الحصار والتطبيع والعدوان العسكري كأدوات لإعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة.
بهذا المعنى، فإن موقف مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين لا ينحصر في دعم مبادرة بحرية، بل يندرج في رؤية شمولية تعتبر القضية الفلسطينية مركزية في الصراع على مستقبل المنطقة، وتربط بين التضامن الإنساني والرهانات السياسية والاستراتيجية الكبرى.