‏آخر المستجداتالمجتمعصوت المحاميد

مدارس بلا ماء… عبث إداري يحرج المنظومة التعليمية بمراكش

(كش بريس/ المحاميد) ـ

لا تزال مراكش تكشف عند كل موسم دراسي، عن غرائب تُعري واقع التخطيط التعليمي، خصوصاً في أحياء تعاني خصاصاً هيكلياً في البنية التحتية، من الإعدادي إلى الثانوي. هذا العام لم يكن استثناءً، فقد تكرّر مشهد الاكتظاظ الذي يرهق الأساتذة والتلاميذ معاً، حيث تجاوز عدد التلاميذ في الفصول الأربعين والخمسين أحياناً، في دلالة صارخة على عجز السياسات التربوية عن مواكبة النمو الديمغرافي والتمدّد العمراني للمدينة.

مفارقة “برج المنارة”

وسط هذا الوضع المتأزم، استبشر سكان حي المحاميد الجنوبي بافتتاح مدرسة ابتدائية جديدة تحمل اسماً وازناً: “أبراج المنارة”. مساحة رحبة، أكثر من عشرين قاعة دراسية، وبشارة بتخفيف الضغط على مدارس الحي. لكن الفرحة سرعان ما تحولت إلى دهشة ممزوجة بالسخط، إذ تبيّن أن المؤسسة تفتقر إلى أبسط مقومات المرفق التربوي: ماء الشرب والتطهير الخاص بالمراحيض. تلاميذ صغار يُجبرون على حمل قنينات ماء من بيوتهم أو من مسافات بعيدة لقضاء حاجاتهم الأساسية، في مشهد يختزل اختلالاً فاضحاً في الإشراف والتتبع.

سؤال المسؤولية

كيف يُعقل أن تُفتح مؤسسة تعليمية بهذه المواصفات من دون توفير شروط الحياة المدرسية؟ وأين كانت مديرية التربية الوطنية بمراكش خلال مراحل المشروع؟ ومن صادق على استلامه من دون اكتمال الخدمات الضرورية؟ هذه الأسئلة لا تعني مجرد تقصير إداري عابر، بل تكشف ثقافة الاستعجال والارتجال التي تحكم تدبير قطاع يفترض أنه عماد التنمية.

نقد وتحفيز للإصلاح

القضية لا تتعلق بمدرسة واحدة، بل هي جرس إنذار لنظام تربوي يحتاج إلى إعادة ترتيب أولوياته:

  • تخطيط استباقي يربط فتح المؤسسات بتهيئة بنيتها الأساسية قبل استقبال أي تلميذ.
  • مراقبة ومحاسبة لكل مسؤول يوقّع على مشروع غير مكتمل.
  • إشراك فعلي للمجتمع المحلي في تتبع أوراش البناء المدرسي، بما يضمن الشفافية ويمنع التلاعب.

إن التعليم ليس مجرد جدران وأقسام، بل فضاء للحياة الكريمة والأمان الصحي. وغياب الماء والتطهير في مدرسة تحمل اسم “أبراج المنارة” ليس مجرد سهو، بل رسالة سلبية للأجيال الناشئة عن قيمة المدرسة ودورها.

إذا أرادت مراكش، ومعها وزارة التربية الوطنية، استعادة ثقة الأسر والفاعلين التربويين، فعليها أن تجعل من هذه الفضيحة منعطفاً إصلاحياً، لا واقعة تُطوى بالنسيان. فالأطفال الذين يدخلون فصلاً مكتظاً أو يحملون قنينة ماء للوضوء والشرب، يستحقون أكثر من الاعتذار: يستحقون تعليماً يليق بكرامتهم ومستقبلهم.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button