
(كش بريس/التحرير)ـ في موقف سياسي واضح يعكس تمسك مدريد بخيار الشراكة مع الرباط، نفت الحكومة الإسبانية، على لسان دييغو روبيو، مدير ديوان رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وجود أي “صراعات” أو “توترات خفية” بين إسبانيا والمغرب، مؤكدة أن العلاقات الثنائية “تمر بإحدى أفضل مراحلها في التاريخ الحديث”.
وجاء تصريح روبيو، خلال جلسة لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإسباني، ردًّا على سؤال من أحد نواب حزب “فوكس” اليميني المتطرف الذي اتهم المغرب بالتهديد للأمن القومي الإسباني. وردًّا على ذلك، وصف روبيو الحزب المذكور بـ”المهووس بالمؤامرات والترويج لروايات خيالية تهدف إلى الإضرار بالعلاقات المغربية الإسبانية”.
وأوضح المسؤول الإسباني أن “المغرب بلد جار وصديق وشريك استراتيجي لإسبانيا”، مشدداً على أن الخلافات المحدودة بين الجانبين “لا تختلف عن تلك التي تجمع مدريد مع دول أخرى مثل فرنسا أو البرتغال”. كما أشاد بمستوى التعاون الأمني والاقتصادي القائم بين البلدين، خصوصاً في ملفات الهجرة، ومكافحة الإرهاب، ومحاربة التهريب وشبكات الاتجار بالبشر، إلى جانب العلاقات الاقتصادية والتجارية المتنامية.
ويأتي هذا الموقف الرسمي الإسباني في وقت يواصل فيه حزب “فوكس” اليميني شنّ حملات إعلامية وسياسية ضد المغرب، مستهدفاً كل مظاهر التقارب بين البلدين، من بينها اتفاق تدريس اللغة العربية لأبناء الجالية المغربية في إسبانيا، والاتفاق الفلاحي الجديد الموقع بين الرباط والاتحاد الأوروبي، والذي يشمل مناطق الصحراء المغربية. ويُنظر إلى هذه المواقف على أنها محاولات لتأجيج الرأي العام الإسباني، واستثمار التخويف من “الخطر المغربي” كأداة انتخابية داخلية ضد الحزب الاشتراكي الحاكم.
وفي المقابل، تؤكد الحكومة الإسبانية والأحزاب الكبرى في مدريد التزامها بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب باعتباره ركيزة للاستقرار الإقليمي وأداة لتحقيق التنمية في حوض المتوسط وإفريقيا. ويشكل هذا الموقف استمرارًا للخط السياسي الذي تبنته حكومة سانشيز منذ 2022، حين أعلنت دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، باعتباره “الحل الأكثر جدية وواقعية ومصداقية”.
تكشف تصريحات دييغو روبيو عن رسالة مزدوجة من الحكومة الإسبانية، من جهة، هي تأكيد على الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الرباط ومدريد، خصوصًا بعد تجاوز أزمة 2021 التي تسببت فيها قضية استقبال زعيم البوليساريو إبراهيم غالي. ومن جهة أخرى، هي محاولة لعزل خطاب اليمين الشعبوي المتطرف الذي يزايد على ملفات الهجرة والأمن والصحراء المغربية لإحراج الحكومة الاشتراكية.
وتبدو المعادلة الإسبانية الحالية دقيقة: الحفاظ على علاقة مستقرة مع المغرب كضرورة جيوسياسية وأمنية واقتصادية، في مقابل مواجهة تصاعد التيارات اليمينية التي ترى في المغرب “فزاعة انتخابية”. بذلك، تضع مدريد نفسها أمام خيار استراتيجي واضح: التقارب البراغماتي مع الرباط كضامن للأمن الحدودي والاستقرار المتوسطي، مقابل الانعزال الشعبوي الذي يقوده حزب فوكس داخلياً.
 
				 
					 
					




