
حين تتحدث فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة وعمدة مدينة مراكش، عن “نجاحات جزئية” و”عدم إمكانية حل كل المشاكل”، لا يكون هذا مجرد تصريح، بل شهادة على فراغ فكري وإداري ممتد. في الوقت الذي يعاني فيه قطاع الصحة من خصاص بنيوي يهدد حياة المواطنين يوميًا، تختبئ المنصوري وراء شعارات عامة عن الواقعية والإصلاح الذي يحتاج وقتًا، وكأن الفشل البنيوي في التخطيط والتنفيذ يُعفيها من أي مساءلة حقيقية، هي وحكومة “الويل”.
ما يُسمع من خطابها هو إعادة تدوير المقولات الحزبية القديمة: الديمقراطية خيار الشعب، الشباب يجب أن يحتج “ضمن إطار منظم”، والنجاحات الجزئية تُغطي على كل إخفاق. لكن الواقع يثبت أن هذه الدوغمائية لا تحل أي أزمة، بل تُغذي شعورًا باللامبالاة وفقدان الثقة. خطابها للشباب اليوم لا يذهب أبعد من مجرد توجيههم وتحجيم طموحاتهم، بدل أن يكون اعترافًا صريحًا بحقهم في الاحتجاج والمطالبة بتغيير حقيقي.
المفارقة المؤلمة أن وزيرة وقيادية حزبية في الأغلبية الحكومية، تتحمل مسؤولية إدارة مدينة كبرى وقطاعات حيوية، لكنها تصر على الاكتفاء بالكلام، بينما المواطنون يعانون من نقص الخدمات الأساسية، ويتصاعد الغضب الاجتماعي، ويشعر الشباب بأن مطالبهم تُتجاهل. كل هذه الشعارات عن الديمقراطية والحفاظ على الوطن تُصبح فارغة إذا لم تُترجم إلى سياسات ملموسة، خطط تنفيذية، وحوار صادق مع المجتمع.
العتاب هنا واضح ومباشر: لا يكفي التذرع بالنجاحات الجزئية أو التاريخ الحزبي، ولا يمكن تبرير الفراغ الإداري بالكلمات الجميلة. المطلوب هو عمل ملموس، مساءلة فعلية، وحوار جاد مع الشباب والمواطنين، قبل أن يتحول غضب الشارع إلى أزمة أكبر. الكلمة اليوم ليست عن الديمقراطية الرمزية، بل عن المسؤولية الحقيقية التي تعني تحويل الكلام إلى أفعال، والفشل إلى إصلاح، والوعود إلى واقع يُحسّ به المواطنون على الأرض.