
(كش بريس/التحرير)ـ في ظل مناخ يتسم بتصاعد منسوب التوتر داخل منظومة التربية والتكوين، عقدت النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية (FNE وFDT وUGTM وCDT وUMT) اجتماعاً تنسيقياً بمقر الجامعة الحرة للتعليم في الرباط، قبيل استئناف جلسات اللجنة التقنية مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. وشكل اللقاء محطة لتقييم مسار الحوار القطاعي وتدارس المستجدات التنظيمية والتشريعية المرتبطة بالقطاع، في وقت يسود فيه داخل الأوساط النقابية انطباع بوجود تراجعات تمس التزامات سابقة.
وأكدت النقابات أهمية التنسيق الخماسي باعتباره آلية فعّالة للدفاع عن المطالب المهنية والاجتماعية للشغيلة التعليمية، مشيرة إلى أن وحدة المواقف والخيارات النضالية أسهمت على مدى سنوات في تحريك ملفات عالقة، مما يجعل استمرار العمل المشترك خياراً ضرورياً لمواجهة التحديات المتزايدة التي تعرفها المدرسة العمومية.
ورغم ذلك، فقد أثار ما وصفته النقابات بـ“تهريب” مشروع قانون التعليم المدرسي إلى البرلمان، من دون العودة إلى النقابات الأكثر تمثيلية، غضباً واسعاً داخل التنظيمات النقابية، معتبرة أن الخطوة تمثل تراجعاً صريحاً عن المقاربة التشاركية التي سبق أن التزمت بها الوزارة. ورأت النقابات في هذا الإقصاء ضرباً لثقة الأطراف ومحاولة لتمرير مقتضيات تُخشى انعكاساتها على مجانية التعليم وتعزيز منطق تسليع المدرسة العمومية.
وفي الاتجاه نفسه، شددت النقابات على ضرورة إشراكها بشكل فعلي في النقاشات القبلية المتعلقة بالميزانية الفرعية لقطاع التعليم، معتبرة أن البعد المالي عنصر حاسم في تنزيل التزامات الحوار القطاعي، وأن تجاوز النقابات في هذا المسار يعطل التنفيذ الفعلي للاتفاقات ويُبقي القطاع رهينة قرارات تتخذ في قطاعات أخرى عند الحسم في الملفات ذات الطابع المالي.
ولم تُخف النقابات استياءها من التصريحات الأخيرة لوزير التربية الوطنية، خصوصاً تلك المتعلقة بتخفيض ساعات العمل المنصوص عليها في المادة 68 من النظام الأساسي، إضافة إلى ما اعتبرته تبسيطاً مخلّاً لإشكالات القطاع عبر حصرها في علاقة المدير بالمفتش. كما انتقدت تقديم “أرقام غير دقيقة” بشأن أجور بعض الموظفين، داعية الوزير إلى مزيد من التحري وضبط المعطيات قبل الإدلاء بأي تصريحات رسمية.
وبخصوص المطالب، شددت النقابات الخمس على ضرورة التسريع في تنزيل الالتزامات الاجتماعية المتفق عليها، من بينها تعميم التعويض التكميلي على مختلف الفئات، وإصدار النظام الأساسي الخاص بالمبرزين، وصرف تعويضات المناطق النائية والصعبة، وتسوية ملفات العرضيين ومنشطي التربية غير النظامية ومحاربة الأمية، وأساتذة سد الخصاص، وأطر مدارس “كم”، إلى جانب معالجة ملفات المتصرفين التربويين والأطر المشتركة والدكاترة، وتحقيق التسويات الإدارية والمالية المرتبطة بالرتب والتعويضات العائلية وتعويضات المنطقة والسنوات الاعتبارية لخريجي مراكز التفتيش.
كما طالبت النقابات بعقد اجتماع للجنة العليا برئاسة الوزير لتتبع تنفيذ اتفاق 6 غشت 2025، وتفادي أي تأويلات تراجعية لمقتضيات النظام الأساسي الجديد، مؤكدة أن الظرفية الحالية تتطلب إرادة سياسية واضحة وإشراكاً فعلياً لكل الشركاء الاجتماعيين لتجاوز حالة الاحتقان.
وفي ختام اجتماعها، شددت النقابات الخمس على أن تعزيز العمل النقابي الوحدوي بات ضرورة ملحة أمام التحديات المتسارعة التي يواجهها القطاع، داعية مناضلاتها ومناضليها إلى رصّ الصفوف والحفاظ على وحدة الموقف الترافعي. وأوضحت أن الخيار النضالي يظل مطروحاً في حال استمرار غياب حلول عملية، مشيرة إلى أن أشكال النضال المقبلة ستُبحث بتفصيل خلال المحطات القادمة من الحوار القطاعي.





