
ملف معتقلي حراك الريف بين بادرة إنسانية وانتظار انفراج سياسي
أفاد المكتب التنفيذي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان في بلاغ رسمي، أنه تابع باهتمام بالغ الأجواء الإنسانية والإيجابية التي رافقت جنازة الراحل أحمد الزفزافي، والد ناصر الزفزافي، المعتقل البارز على خلفية أحداث الحسيمة. واعتبرت المنظمة أن هذا المناخ الاستثنائي قد يشكل منعطفاً نحو إغلاق نهائي لملف عمر لأزيد من تسع سنوات، وألقى بظلاله الثقيلة على المشهد الحقوقي والسياسي بالمغرب.
تتبع حقوقي طويل المدى
ذكّرت المنظمة بأنها كانت من أبرز المتفاعلين مع الملف منذ انطلاق المحاكمات، من خلال انخراطها في المبادرة المدنية من أجل الريف، وزياراتها للمعتقلين الستة داخل السجن، في إطار متابعة لصيقة تهدف إلى ضمان ظروف اعتقال إنسانية وإيجاد حل توافقي. وترى أن اللحظة الراهنة تتيح فرصة حقيقية لمراجعة شاملة لهذا الملف، عبر خطوة رمزية في مقدمتها صدور عفو ملكي شامل.
دلالات إنسانية ورمزية
أثنت المنظمة على قرار المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج الذي سمح لناصر الزفزافي بحضور جنازة والده، معتبرة ذلك بادرة إنسانية عميقة المعنى، تسهم في إعادة بناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع، وتؤكد أن الحلول الإنسانية والقانونية يمكن أن تلتقي في لحظة توافق وطني.
بين الإنصاف والمصالحة والتنمية
في سياق أوسع، جددت المنظمة مطالبتها بتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ذات الصلة بمنطقة الريف، خاصة تلك المتعلقة بـ جبر الضرر الجماعي وحفظ الذاكرة. وترى أن معالجة الإرث الحقوقي لا يكتمل إلا بربطه بمشاريع اقتصادية واجتماعية تنموية تعيد إدماج المنطقة في مسار التنمية الوطنية.
كما أبدت استعدادها للاضطلاع بأدوار الوساطة والحوار مع ساكنة المنطقة، بما يعزز جسور التواصل ويعيد الثقة في المؤسسات، انسجاماً مع مقاربة حقوقية تتجاوز منطق المعالجة الأمنية الصرفة نحو حلول مستدامة.
يحمل هذا الموقف الحقوقي إشارات متعددة الأبعاد:
- سياسياً: يوحي بأن مناخ الانفراج ممكن إذا تلازمت الإرادة الرسمية مع مبادرات المجتمع المدني.
- حقوقياً: يعيد إلى الواجهة سؤال العدالة الانتقالية وملف توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة الذي لم يكتمل بعد.
- تنموياً: يربط مستقبل المنطقة بضرورة دمجها في مشاريع تنموية قادرة على امتصاص التوترات الاجتماعية.
إن اللحظة، وإن كانت محزنة بوفاة أحمد الزفزافي، تفتح في الوقت نفسه أفقاً جديداً لإعادة التفكير في ملف الريف برمته، بما يجعل من طي صفحته فرصة لتعزيز المصالحة الوطنية وترسيخ الثقة بين الدولة والمجتمع.