‏أخبار كوروناالمجتمع

نقابة كبرى تحذر: الدولة الاجتماعية شعار بلا إرادة سياسية والإحتقان الاجتماعي في تزايد

(كش بريس/التحرير)ـ في سياق اجتماعي وسياسي محتقن، عادت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى واجهة النقاش العمومي ببيان حاد اللهجة، حذّرت فيه من تفاقم الأوضاع الاجتماعية واتساع الفوارق الطبقية، معتبرة أن الشعارات الرسمية حول “الدولة الاجتماعية” لا تزال مجرد واجهة لغوية تفتقد إلى الإرادة السياسية لترجمتها إلى سياسات عمومية عادلة ومنصفة.

وأكدت المركزية النقابية أن منطق الريع والاحتكار وهيمنة المصالح الضيقة يجهض فرص الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، ويغذي مظاهر التفاوت والاحتقان داخل المجتمع، في ظل تراجع واضح للحريات النقابية وارتفاع منسوب التضييق على العمل النقابي المنظم.

وفي لهجة احتجاجية، استنكرت الكونفدرالية الأحكام والمتابعات الصادرة في حق شباب الحركات الاجتماعية، معتبرة أن المقاربة الأمنية لم تكن يوماً بديلاً عن الحوار والإصلاح، ودعت إلى طي ملف الاعتقالات ذات الطابع السياسي وإطلاق سراح المعتقلين، في خطوة من شأنها ترميم الثقة في المؤسسات وبعث الأمل في المستقبل.

أما في الجانب الاجتماعي–الصحي، فقد سلط البيان الضوء على اختلالات السياسة الدوائية الوطنية التي تسودها ـ بحسب النقابة ـ شبكات الريع والاحتكار وضعف مراقبة الأسعار، مما جعل الدواء سلعةً بعيدة عن متناول الفئات الفقيرة والمتوسطة. ودعت النقابة إلى إصلاح جذري يضمن الأمن الدوائي الوطني، ويرتكز على التصنيع المحلي، وتسقيف الأسعار، ومراقبة مسالك التوزيع والربح.

وفي ما يتعلق بالحريات النقابية، أدانت الكونفدرالية استمرار الطرد التعسفي للمناضلين النقابيين، ورفض تسليم الوصل القانوني، والتنقيلات الانتقامية، معتبرة ذلك خرقاً سافراً للالتزامات الدولية للمغرب في مجال الحقوق الشغلية، ودعت الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في فرض احترام القانون وصيانة الحق النقابي.

كما أعلنت رفضها الصريح لمشروع قانون التعليم المدرسي الذي أحالته الحكومة على البرلمان دون إشراك النقابات التعليمية، مشيرة إلى أنه يكرس التوجه النيوليبرالي في تدبير المدرسة العمومية ويمهّد لخوصصتها وضرب مجانيتها، ما يهدد جوهر العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. ودعت إلى سحب المشروع وفتح نقاش وطني واسع حول مستقبل التعليم العمومي باعتباره خدمة عمومية وركيزة للمواطنة والمساواة.

ولم يخلُ البيان من استحضارٍ للذاكرة الوطنية، حيث استذكرت النقابة الذكرى الستين لاختطاف الشهيد المهدي بنبركة، مؤكدة أن قضيته تظل جرحاً وطنياً مفتوحاً، وأن الكشف الكامل عن الحقيقة وتحديد المسؤوليات يشكلان مدخلاً أساسياً لإنصاف الذاكرة وترسيخ العدالة الانتقالية وبناء دولة الحق والقانون.

يبرز هذا البيان كوثيقة سياسية ونقابية ذات حمولة احتجاجية ومجتمعية قوية، تنبه إلى تآكل الثقة في الخطاب الرسمي حول الدولة الاجتماعية، وتربط بين الأزمة الاجتماعية والانسداد السياسي والحقوقي.

كما تكشف الكونفدرالية عن تحول في لغة النقابات المغربية من المطالب القطاعية التقليدية إلى خطاب شامل يمزج بين الاجتماعي والحقوقي والسياسي والذاكرتي، ما يعكس عمق الأزمة وتعدد مستوياتها. ويشكل موقفها من قانون التعليم المدرسي مؤشراً على تنامي الرفض النقابي للتوجه النيوليبرالي الذي يعيد تعريف المدرسة كمجال استثماري لا كمرفق عمومي.

في المقابل، يضع البيان الدولة أمام سؤال المصداقية السياسية: هل يمكن الحديث عن “دولة اجتماعية” في ظل استمرار منطق الريع، وتراجع الحريات، وارتفاع كلفة العيش؟

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button