
(كش بريس/التحرير)ـ شهد السوق الدوائي المغربي خلال الأيام الأخيرة حدثًا لافتًا تمثّل في الإطلاق الرسمي لدواء “أوزمبيك” (Ozempic) من قِبل مختبرات نوفو نورديسك الدنماركية، في خطوة تُعدّ محورية ضمن جهود تحديث العلاجات الخاصة بمرضى السكري من النوع الثاني.
ويُعد هذا الدواء من بين أبرز الابتكارات الدوائية الحديثة، إذ يعمل على تنظيم مستويات السكر في الدم وتحسين الاستجابة للأنسولين، إلى جانب مساهمته في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب لدى بعض الفئات من المرضى.
غير أن هذا الحدث، الذي كان من المفترض أن يُسهم في تعزيز العرض العلاجي الوطني وتوسيع آفاق التداوي، أعاد في المقابل إلى الواجهة نقاشًا دوليًا ومحليًا حادًا حول ظاهرة إساءة استخدام “أوزمبيك” لأغراض جمالية محضة، ولا سيما التخسيس السريع لدى أشخاص لا يعانون أصلًا من داء السكري.
فقد نبّه أطباء وخبراء تغذية إلى أن الاستعمال العشوائي للدواء خارج الإشراف الطبي يشكّل مخاطر صحية جسيمة، منها اضطرابات الجهاز الهضمي، وانخفاض مفرط في مستويات السكر، وربما اختلالات هرمونية غير قابلة للعلاج على المدى القريب.
وبينما تتكرر هذه الظاهرة في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث صار “أوزمبيك” يُروَّج في الأسواق الموازية كـ“دواء المعجزة لإنقاص الوزن”، بدأت موجاتها تصل إلى المغرب عبر وسائط التواصل الاجتماعي، حيث تُنتَج وتُتداول محتويات رقمية تشجّع على استخدامه دون استشارة طبية، مما يثير أسئلة جوهرية حول أخلاقيات التسويق الرقمي، وحدود الرقابة الصحية، ومسؤولية المنصات في حماية الوعي العام.
وفي ضوء هذا الجدل، يجد المغرب نفسه أمام تحدٍ مزدوج، فمن جهة، ضرورة تأمين الحق في العلاج وتيسير ولوج المرضى الحقيقيين إلى الأدوية الجديدة وفق مساطر منظمة وعادلة، ومن جهة أخرى، وجوب التصدي لظاهرة الاستعمال المفرط وغير المراقَب، التي قد تُحوّل الابتكار العلمي إلى خطر صحي واجتماعي جديد.
وهكذا، يبدو أن قصة “أوزمبيك” لم تعد مجرّد حدث دوائي، بل أصبحت مرآة لعلاقة الإنسان المعاصر بجسده، وهوسه بالصورة المثالية، وسذاجة الإيمان بالحلول السريعة في زمن تسوّق فيه التكنولوجيا “الخفة” كقيمة عليا، حتى ولو كان الثمن هو الصحة ذاتها.





