‏آخر المستجداتبقية العالم

هل زرع الفضائيون بذور الحياة على الأرض؟

نظرية “التبذر الموجّه” بين العلم والخيال

برزت مؤخرًا فرضية علمية مثيرة للجدل بعد أن أعلن العالم البريطاني روبرت إندريس من إمبريال كوليدج لندن أن الحياة على كوكب الأرض قد لا تكون نتيجة تفاعلات كيميائية عشوائية فحسب، بل ثمرة تدخل خارجي مقصود.
فبحسب أطروحة نشر تفاصيلها في دراسة حديثة (لم تخضع بعد لمراجعة الأقران)، فإن حضارة فضائية متقدمة ربما تكون قد زرعت قبل نحو 4.2 مليار سنة ميكروبات أو أشكالًا بدائية من الحياة على الأرض، ما ساعد الكوكب الناشئ حينها على أن يغدو بيئة قابلة للسكن.

أصل النظرية: من كريك إلى إندريس

هذه الفرضية ليست جديدة بالكامل؛ فقد اقترحها لأول مرة العالمان فرانسيس كريك وليزلي أورجيل في سبعينيات القرن الماضي تحت مسمى “التبذر الشامل الموجّه” (Directed Panspermia). وكانت تقوم على افتراض أن كائنات عاقلة استخدمت مركبات فضائية أو مسابير لإرسال بذور الحياة عمدًا إلى كواكب أخرى.
الجديد عند إندريس هو دعمه هذه الفرضية بنماذج رياضية تُقارن بين حجم “المعلومات البيولوجية” المطلوبة لتشكيل خلية بدائية وبين معدل إنتاج الترتيب الكيميائي الطبيعي على الأرض البدائية. وخلص إلى أن الصدفة وحدها لا تكفي لتوليد هذا الكم من التعقيد في فترة زمنية قصيرة نسبيًا (500 مليون سنة).

العلم بين الشك والدهشة

وجدت النماذج أن معدل جمع المعلومات المفيدة في “الحساء الكيميائي” البدائي قد يصل إلى 100 بت في الثانية، وهو أعلى بكثير مما يُفترض تقليديًا. لكن إندريس رأى أن الحفاظ على هذا المعدل باستمرار دون أي مساعدة خارجية أمر شبه مستحيل.
في المقابل، لا يزال المجتمع العلمي متحفظًا، خصوصًا مع صدور تقرير للبنتاغون عام 2024 يؤكد غياب أي دليل مادي على وجود حياة فضائية.

بدائل علمية أكثر “أرضية”

إلى جانب فرضية “التبذر الموجّه”، يواصل العلماء اختبار تفسيرات أخرى أكثر ارتباطًا بظواهر طبيعية:

  • الحساء البدائي الناتج عن تفاعل الجزيئات العضوية تحت تأثير الطاقة.
  • النيازك الغنية بالمواد العضوية التي قد تكون جلبت اللبنات الأولى.
  • فرضية البرق المصغّر (Stanford) التي تفترض أن الشرارات الكهربائية الناتجة عن سقوط قطرات الماء على الشواطئ ولّدت الطاقة اللازمة لبدء الحياة.

بين العلم والفلسفة

ما يثير الانتباه هو أن فرضية إندريس تقترب من أسئلة فلسفية عميقة:

  • إذا كانت الحياة زرعًا مقصودًا من حضارة مجهولة، فمَن زرع الحياة في موطن تلك الحضارة؟
  • وهل نحن أمام بديل علمي لنظرية “الخلق الموجّه” في ثوب فضائي؟
  • أم أن المسألة تعكس حدود أدواتنا الحالية في فهم النشأة الأولى؟

وسواء وُلدت الحياة من شرارة برق، أو سقطت مع نيزك، أو أُرسلت عبر مسبار فضائي، فإن هذه النقاشات تكشف عن قلق الإنسان الوجودي ورغبته الدائمة في معرفة أصوله. بين الدليل العلمي والخيال الميتافيزيقي، تبقى الأرض مسرحًا لسؤال مفتوح:
هل نحن أبناء الصدفة… أم ثمرة تصميم كوني مجهول؟

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button