‏آخر المستجداتمال وأعمال

واردات الغذاء في المغرب: بين ضغط المناخ وتبعية الأسواق العالمية

(كش بريس/التحرير)ـ كشف تقرير مكتب الصرف حول ميزان الأداءات والوضعية الخارجية أن قيمة واردات المغرب من الحبوب والمواد الغذائية بلغت 115 مليار درهم سنة 2024، مقابل 102,6 مليار درهم في 2023، أي بارتفاع ملحوظ يعكس استمرار تبعية الاقتصاد الوطني للأسواق الدولية في تأمين حاجياته الغذائية.

فقد بلغت قيمة واردات الحبوب نحو 32,9 مليار درهم (مقابل 26,1 مليار درهم في 2023)، مسجلة ارتفاعاً نسبته 25,9% بفعل تراجع الإنتاج الوطني نتيجة الجفاف المتوالي وندرة التساقطات في المناطق الزراعية الرئيسية، ما جعل المغرب أكثر عرضة لتقلبات السوق العالمية.

أما واردات المواد الغذائية الأخرى، بما فيها السكر والزيوت النباتية والمنتجات المصنعة، فقد بلغت 82,1 مليار درهم بزيادة 7,3%، وهو ما انعكس على المستوى المعيشي للأسر من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية محلياً.

التداعيات الاقتصادية

  • العجز التجاري: ارتفع إلى 304,9 مليار درهم سنة 2024 (+7,2% عن 2023)، نتيجة نمو الواردات بوتيرة أسرع من الصادرات.
  • معدل تغطية الصادرات للواردات تراجع إلى 59,9%، مما يكشف عن محدودية القدرة التصديرية في موازنة فاتورة الاستيراد.
  • الأمن الغذائي: تكرس الوضع الحالي هشاشة المغرب أمام التقلبات المناخية والأسعار الدولية، مع استمرار صعوبة تحقيق الاكتفاء الذاتي في الحبوب.

تُبرز هذه الأرقام ثلاث ملاحظات رئيسية:

  1. البعد البنيوي: الاعتماد الكبير على استيراد الحبوب يكشف قصوراً في السياسات الزراعية السابقة، حيث لم تحقق برامج مثل المخطط الأخضر والجيل الأخضر الأهداف المرجوة في ضمان استدامة الإنتاج الغذائي.
  2. الضغط الاجتماعي: ارتفاع فاتورة الواردات يترجم مباشرة إلى غلاء الأسعار، ما يزيد من الأعباء على الأسر المغربية ويعمّق الفجوة الاجتماعية.
  3. الحاجة إلى بدائل استراتيجية: لم يعد يكفي مجرد تدبير الاستيراد، بل أصبح من الضروري إعادة هيكلة المنظومة الزراعية عبر:
    • الاستثمار في الزراعة المقاومة للجفاف (الحبوب البديلة، الزراعات البعلية، التقنيات الحديثة للري).
    • تعزيز الاكتفاء الذاتي النسبي في المنتجات الأساسية.
    • تنويع مصادر الاستيراد لتقليل المخاطر المرتبطة بتقلبات السوق العالمية.

يمثل ارتفاع فاتورة الغذاء مؤشراً على هشاشة الأمن الغذائي الوطني في ظل تغير المناخ وضغط الأسواق الدولية. والمطلوب اليوم ليس فقط معالجة العجز التجاري، بل إعادة التفكير في السياسات الزراعية والغذائية بما يضمن السيادة الغذائية ويقلل من تبعية المغرب للظروف المناخية وتقلبات الأسعار العالمية.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button