
(كش بريس/ التحرير)ـ في تسريب جديد يضيف بعدًا غير متوقَّع إلى إحدى أكثر القضايا الجنائية إثارة في الولايات المتحدة، كشفت رسائل بريد إلكتروني نشرتها وكالة “بلومبرغ” عن اهتمام لافت لرجل الأعمال الأمريكي الراحل جيفري إبستين بتمويل أبحاث في الهندسة الوراثية، ساعيًا لاستكشاف ما إذا كان “الجمال” البشري قابلاً للتحديد عبر الحمض النووي.
الرسائل المقتطفة من أرشيفه الشخصي تبرز مراسلات مع فريق «مشروع الجينوم الشخصي» بجامعة هارفارد، يقوده عالم الوراثة الشهير جورج تشرش. في إحدى رسائله سأل إبستين مساعديه صراحة عن إمكانية رسم “خريطة جينية للجمال”، عارضًا تمويلًا يفوق المليون دولار. لكن اهتمامه لم يكن علميًا بحتًا؛ فقد انزاحت تساؤلاته نحو بعد فلسفي وفني، إذ شبّه جمال الجسد البشري بروعة موسيقى موتسارت أو رشاقة لاعب البيسبول الأسطوري تيد ويليامز أو جاذبية مناظر الكاريبي. أما تشرش، فطرح خلال تلك النقاشات فكرة «إعادة هندسة البشر وراثيًا» كأفق بحثي مستقبلي.
إلا أن هذه المراسلات تعود إلى الواجهة في ظل استمرار الجدل حول حياة إبستين ومماته. فالقضية الجنائية التي تفجرت عام 2019، والتي اتُّهم فيها بالاتجار بفتيات قاصرات واستغلالهن في ممتلكاته بنيويورك وفلوريدا، ما زالت تثير أسئلة بلا أجوبة. فقد عُثر عليه ميتًا في زنزانته بمانهاتن في يوليو من العام ذاته، وأعلنت السلطات أن الوفاة “انتحار”، غير أن الشكوك لم تخمد.
الاهتمام المتجدد بالقضية يجد وقوده أيضًا في إخفاق إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في كشف كل الوثائق التي وعدت بها حملته الانتخابية، الأمر الذي غذّى نظريات المؤامرة. وعلى الرغم من بيانات وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي التي تنفي امتلاك إبستين “قائمة ابتزاز” لشخصيات نافذة، لا تزال بعض الأصوات، مثل النائبة العامة بام بوندي، تؤكد أن الملف “مفتوح على مزيد من التدقيق”.
تجمع هذه القصة بين العلم والفلسفة والفضيحة السياسية، لتضع أمام الرأي العام سؤالًا مزعجًا: كيف تتقاطع نزعات السيطرة الجينية مع نزوات المال والسلطة، حين يصبح “الجمال” مشروعًا استثماريًا في مختبرات النخبة؟
وكالات (الصورة من الأرشيف )