‏آخر المستجداتالمجتمع

وجدة على صفيح ساخن: هل يهدد منع مؤتمر العدالة والتنمية مصداقية انتخابات 2026؟

(كش بريس/ من وجدة: عادل مسلاتي) ـ أعاد الجدل الذي فجّره القيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العزيز أفتاتي، حول منع المؤتمر الإقليمي للحزب بوجدة، طرح أسئلة قديمة جديدة عن حدود الحريات السياسية في المغرب، وعن مدى قدرة العملية الانتخابية على الاحتفاظ بحدٍّ أدنى من التنافس الحر في أفق استحقاقات 2026.

تضييق ممنهج أم تطبيق للقانون؟

بحسب تدوينة أفتاتي، فإن السلطات المحلية في “باشوية” وجدة رفضت بشكل ممنهج الترخيص للحزب باستغلال القاعات العمومية التي جرت العادة أن تستقبل مختلف التظاهرات الحزبية والمدنية. الأخطر، وفق روايته، أن المنع امتد إلى قاعة خاصة تابعة لمركز بحثي مستقل، اعتاد احتضان أنشطة سياسية وثقافية متعددة، ما اعتبره القيادي الإسلامي مؤشراً على إرادة واضحة في «تجفيف الفضاء العام» أمام حزب العدالة والتنمية، حتى خارج أملاك الدولة.

السلطات لم تقدّم، حتى الآن، رواية رسمية تبرّر هذا المنع، ما يفتح الباب أمام تأويلات متباينة: هل يتعلق الأمر بمجرد تطبيق صارم لإجراءات إدارية، أم بتوجه سياسي يروم تحجيم حزب فقد الكثير من رصيده الانتخابي بعد تجربة الحكم، لكنه لا يزال يملك قدرة على الإزعاج في الشارع؟

من حادث محلي إلى معركة على قواعد اللعبة

أفتاتي لم يتوقف عند حدود الواقعة، بل صعّد خطابه إلى تشخيص أزمة أعمق، واصفًا ما جرى بأنه دليل على «دولة متسلطة ومفترسة». في تدوينته تساؤل صريح: ما الجدوى من خوض انتخابات 2026 إذا كانت الداخلية تتحكم في شروط المنافسة من الآن؟

هذا الطرح ينقل النقاش من كونه نزاعًا حول قاعة إلى تشكيك جذري في شرعية المسار الانتخابي برمّته، وهو ما يضع قيادة الحزب الحالية أمام مفترق طرق:

  • إما الانخراط في مواجهة مفتوحة تلوّح بالمقاطعة و«قلب الطاولة» كما دعا أفتاتي،
  • أو تبني براغماتية تفاوضية تحافظ على موطئ قدم في اللعبة السياسية، ولو بشروط غير متكافئة.

سياق سياسي ضاغط

الواقعة ليست معزولة؛ فالحزب سبق أن سجّل شكاوى مماثلة في مدن عدة. لكنها تأتي اليوم في ظل إعادة تشكيل الحقل الحزبي عقب انتخابات 2021 التي همّشت العدالة والتنمية بشدة، وأبرزت صعود تحالفات قريبة من الإدارة. لذلك يقرأ البعض ما يحدث كجزء من عملية «هندسة انتخابية» تسبق استحقاقات 2026 لضمان خريطة سياسية أكثر انضباطًا.

في المقابل، يرى آخرون أن الحزب نفسه يعيش أزمة ثقة داخلية بعد تجربته الحكومية، وأن خطاب المظلومية لم يعد يقنع الناخبين كما في السابق، ما قد يحوّل أي مواجهة مع السلطة إلى مقامرة غير مضمونة النتائج.

أسئلة مفتوحة على المستقبل

القضية تثير إشكاليات دستورية وسياسية حساسة:

  • إلى أي حد تحترم الإدارة مبدأ تكافؤ الفرص الذي يكفله الدستور للأحزاب؟
  • وهل يعكس سلوك السلطة خوفًا من إعادة إحياء المعارضة الإسلامية، أم أنه مجرد إجراء إداري في مدينة محدودة التأثير؟
  • والأهم: هل يؤدي هذا النوع من التضييق –إن صح– إلى إفراغ العملية الانتخابية من مضمونها التنافسي، ما يضعف ثقة المواطنين في السياسة برمتها؟

خاتمة: اختبار مزدوج للسلطة والحزب

منع مؤتمر وجدة قد يبدو حادثًا محليًا، لكنه في العمق مرآة لاختبار مزدوج:

  • اختبار للدولة في مدى استعدادها لفتح المجال أمام معارضة منظمة ولو فقدت بريقها،
  • واختبار لحزب العدالة والتنمية في قدرته على الانتقال من خطاب المظلومية إلى إستراتيجية فعلية تعيد تعريف دوره في المشهد السياسي.

بين اتهامات «التحكم» ودعوات المقاطعة، تبدو استحقاقات 2026 مهددة بفقدان أحد عناصرها الجوهرية: الإيمان المشترك بقواعد لعبة ديمقراطية، ولو بحدها الأدنى. وهنا تكمن الإشكالية الكبرى التي يتجاوز صداها مدينة وجدة إلى أسئلة أوسع حول مستقبل التعددية والتمثيل السياسي في المغرب.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button