‏آخر المستجداتالمجتمع

وزارة الصحة تُسقط “ثقافة التنازل” وتفتح جبهة مواجهة مع المعتدين على الأطر الطبية

(كش بريس/ محسن منير)ـ أطلق وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، اليوم الثلاثاء، مبادرة حازمة لحماية مهنيي الصحة من تصاعد الاعتداءات اللفظية والجسدية التي تشهدها المستشفيات والمراكز الطبية، مؤكداً أن أي مساس بالأطر الطبية هو اعتداء مباشر على المرفق العمومي وصحة المواطنين. ويأتي هذا التحرك في سياق وعي رسمي متزايد بضرورة الجمع بين الصرامة القانونية وتحسين ظروف العمل، لضمان بيئة آمنة تكرّس كرامة الأطباء والممرضين وتعيد الثقة في المنظومة الصحية.

المنشور الموجّه إلى مسؤولي الوزارة والمديرين الجهويين ومديري المستشفيات الجامعية، يضع الاعتداء على الأطباء والممرضين في خانة الاعتداء المباشر على المرفق العمومي، ويلزم الإدارات بتفعيل المتابعة القضائية الفورية ضد أي تهديد أو عنف، مع التأكيد على عدم قبول أي تنازل عن هذه القضايا حفاظاً على هيبة المرفق الصحي وسيادة القانون. ويُنظر إلى هذه المقاربة بوصفها تحوّلاً لافتاً من سياسة ردّ الفعل إلى نهج استباقي يفرض الردع ويعزز شعور الأطر الصحية بالحماية.

في المستوى العملي، يدعو التهراوي إلى حزمة من التدابير الوقائية تشمل تعزيز الحراسة الخاصة داخل المستشفيات ومحيطها، وتعميم كاميرات المراقبة عند المداخل والممرات والمخارج مع مراعاة قوانين حماية المعطيات الشخصية، إلى جانب تنسيق دائم مع السلطات الأمنية لتمكين التدخل السريع عند أي طارئ. كما ألزمت الوزارة المؤسسات الصحية بتحسين خدمات الاستقبال والتوجيه باعتبارها الواجهة الأولى التي تحدد مزاج المرتفقين وتقلّص فرص الاحتكاك، مع إرساء آليات مرافقة قانونية للمهنيين سواء كانوا مدّعين أو مدعى عليهم، بما في ذلك توفير محامين للتقاضي وتغطية التعويضات المدنية في حالات الخطأ المرفقي.

ويتجاوز المنشور البعد الزجري ليشمل بعداً إنسانياً وعملياً، إذ يفرض تقديم دعم نفسي ومعنوي وعلاجي للمعتدى عليهم، والتعجيل بصرف التعويضات المالية المرتبطة بالحراسة والمداومة في آجالها القانونية، فضلاً عن ضمان بيئة عمل آمنة وصحية تتوفر فيها فضاءات راحة وخدمات إطعام لائقة، مع الحرص على التزام مرتفقي المؤسسات الصحية بقواعد النظافة والاحترام.

هذا التوجه يعكس قراءة حكومية لأزمة مركّبة: فالعنف ضد مهنيي الصحة لا ينفصل عن ضغط الاكتظاظ، وغياب الموارد، وارتفاع سقف انتظارات المواطنين. من هنا، يبدو أن الوزارة تراهن على مقاربة متكاملة تعيد الاعتبار لهيئة الصحة وتخفف الاحتقان الاجتماعي، حيث يلتقي الردع القانوني مع تحسين الخدمات لتكريس ثقافة الاحترام المتبادل. ويكشف هذا التحول عن إدراك متنامٍ بأن حماية المرفق الصحي تبدأ بحماية من يديرون شؤونه، وأن تعزيز كرامة الأطباء والممرضين شرط لاستعادة ثقة المواطنين في نظام الرعاية العامة.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button