
(كش بريس/ التحرير)ـ أبرز التقرير الخاص بالمؤسسات والمقاولات العمومية المرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2026، أن قطاع السياحة المغربي يعيش مرحلة توسّع استثنائية، تمزج بين الطموح الاستراتيجي والتخطيط الاستثماري الممنهج. فالتوقعات تشير إلى استقبال 18 مليون سائح مع نهاية 2025، بعائدات تناهز 124 مليار درهم، ما يجعل السياحة إحدى القاطرات الرئيسة للنمو الاقتصادي الوطني، ومؤشراً على استعادة الثقة في جاذبية الوجهة المغربية بعد سنوات من التقلبات العالمية.
هذا الزخم لا يأتي من فراغ، بل هو ثمرة رؤية متكاملة تتجسد في خارطة الطريق 2023-2026، التي راهنت على ثلاثية محورية: التسويق، الربط الجوي، والتوزيع. فقد مكّنت الجهود المبذولة في هذه المجالات من رفع مؤشرات الأداء بشكل متزامن: زيادة عدد الوافدين، وتطور ليالي المبيت، وتحسين تدفقات العملة الصعبة، في انسجام مع أهداف “التحول السياحي” الذي يتوخى جعل المغرب ضمن أقوى 15 وجهة سياحية عالمياً.
على مستوى الاستثمار، تكشف الأرقام عن دينامية غير مسبوقة؛ إذ أنجز المكتب الوطني المغربي للسياحة ما قيمته 500 مليون درهم إلى حدود منتصف 2025، مع توقع بلوغ 2 مليار درهم عند نهاية السنة، أي بمعدل إنجاز يقارب 60 في المائة من البرمجة السنوية. كما تمت برمجة 2,5 مليار درهم لسنة 2026، في خطوة تؤكد التوجه نحو تكريس البعد الاستراتيجي للاستثمار العمومي في البنية التحتية والترويج والتسويق الرقمي.
وتبدو ملامح الرؤية المستقبلية واضحة في محاورها: فتح خطوط جوية جديدة لرفع الطاقة الاستيعابية، توسيع الشراكات مع منظمي الرحلات ووكالات السفر الرقمية، واعتماد استراتيجية تسويق مندمجة تحت شعار “Light in Action”، التي تسعى إلى إعادة تعريف الصورة السياحية للمغرب كوجهة متنوعة تجمع بين الأصالة والانفتاح، وبين الإرث الثقافي والطاقة الاقتصادية الجديدة.
للإشارة فالتقرير لا يكتفي بعرض أرقام إيجابية، بل يعكس تحولاً بنيويًا في فلسفة تدبير السياحة، من منطق موسمي ظرفي إلى رؤية اقتصادية مستدامة، تؤمن بأن الاستثمار في “العلامة السياحية للمغرب” هو استثمار في صورة الوطن نفسه، وفي قدرته على الجمع بين الاقتصاد والإشعاع الثقافي في زمن التنافس الدولي على السياح والعوائد الرمزية.





