
(كش بريس/ التحرير)ـ قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، فجر الأربعاء، إيداع 18 شخصاً السجن المحلي عين السبع (عكاشة)، على خلفية اتهامهم بالمشاركة في عرقلة السير على الطريق السيار الداخلي للعاصمة الاقتصادية، في واقعة أثارت جدلاً واسعاً بالنظر إلى ارتباطها بسياق احتجاجات اجتماعية متصاعدة. وشملت القرارات القضائية أيضاً إحالة ثلاثة قاصرين على مركز الإصلاح والتهذيب بالدار البيضاء، وقاصر آخر على مركز الطفولة ببنسليمان، في حين أُفرج عن اثنين بكفالة مالية لمتابعتهما في حالة سراح.
القضية تعود إلى 28 شتنبر 2025، حينما أقدم مجموعة من الشباب، بعضهم ملثمون، على قطع الطريق السيار، في خطوة احتجاجية عفوية أربكت حركة السير وتسببت في توقف كلي للجولان وإلحاق أضرار بمستعملي الطريق. النيابة العامة أوضحت أن الاعتقالات طالت 24 شخصاً متلبسين، بينهم راشدون وقاصرون، وأن الإجراءات اتخذت “في احترام تام للضوابط القانونية”، معتبرة أن ما جرى “لا يمت بصلة للاحتجاج السلمي، بل هو فعل مجرم قانوناً ومعاقب عليه”.
إن ما وقع على الطريق السيار قد يُفهم كـ”تصعيد ميداني” يعكس تحوّل الغضب الاجتماعي من أشكال التعبير التقليدية (المسيرات المرخصة والوقفات) إلى ممارسات احتجاجية أكثر حدة وصداماً، ما يضع الدولة أمام تحدٍ مزدوج: تأمين النظام العام دون خنق الحق في التعبير السلمي.
من زاوية أخرى، تطرح الواقعة سؤال التناسب بين الفعل والرد المؤسساتي؛ فإيداع 18 شاباً السجن، وإحالة قاصرين على مؤسسات الإصلاح، قد يُقرأ كإشارة على تشدد قضائي في وقت يُفترض فيه البحث عن حلول سياسية وحوارية لمعالجة جذور الاحتقان. كما أن التركيز على البعد الزجري وحده قد يعزز صورة الدولة كجهاز أمني أكثر من كونها وسيطاً اجتماعياً قادراً على احتواء الأزمات.
إن النيابة العامة شددت على أن القضية “لا علاقة لها بالاحتجاج السلمي”، لكن التمييز القانوني البارد بين السلمي وغير السلمي يظل قاصراً إذا لم يقترن بقراءة سياسية لطبيعة الحركات الشبابية الجديدة، التي غالباً ما تلجأ إلى أساليب صادمة للفت الانتباه إلى قضاياها. ما يطرح السؤال الأعمق: هل يكفي الرد القضائي لاحتواء غضب اجتماعي متنامٍ، أم أن الأمر يتطلب إعادة النظر في سياسات التشغيل والتعليم والصحة التي تقف خلف موجات السخط المتتالية؟