‏آخر المستجدات‏أخبار وطنية

78% من المغاربة يعتبرون تغير المناخ تهديداً… و18% فقط يشاركون في الأنشطة البيئية

(كش بريس/ التحرير)ـ كشف تقرير حديث للمعهد المغربي لتحليل السياسات (MIPA) عن فجوة واضحة بين الوعي البيئي المرتفع لدى المغاربة والمشاركة الفعلية في أنشطة حماية البيئة، فيما وصفه معدّو التقرير بـ”الفجوة العميقة” بين المعرفة والسلوك البيئي. وأوضحت الدراسة، التي حملت عنوان “مؤشر الأخضر” وأجريت على عينة تمثيلية من 1,015 شخصاً، أن 78% من المستجوبين يعتبرون تغير المناخ تهديداً حقيقياً ووشيكاً، وهو ما يعكس مستوى وعي متقدم بالمخاطر البيئية، لكن 18% فقط من المواطنين شاركوا فعلياً في أي نشاط بيئي منظم خلال السنوات الخمس الماضية، مثل حملات التشجير أو تنظيف الفضاءات العامة.

تصدرت المخاوف المتعلقة بـالجفاف وندرة التساقطات قائمة أولويات المواطنين بنسبة 47%، تلتها موجات الحر الشديدة بنسبة 23%، ثم تلوث الهواء والنفايات بنسبة 15%، ما يعكس أثر الأزمات المائية والمناخية على الحياة اليومية. رغم أن 63% وصفوا أنفسهم بأنهم “مطلعون نسبياً” على القضايا المناخية، إلا أن أكثر من نصف المشاركين (52%) أعربوا عن عدم تأكدهم من وجود إطار قانوني واضح ينظم هذه القضايا، ما يبرز محدودية العمق المعرفي رغم اهتمامهم الظاهر.

وأظهر التقرير دور وسائل الإعلام الرقمية في تشكيل هذا الوعي، إذ أشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي (33%) والتلفزيون (27%) هما المصدران الرئيسيان للمعلومات البيئية، بينما تظل مساهمة الأنشطة المجتمعية والصحافة المكتوبة محدودة جداً (2% لكل منهما)، ما يعكس الطابع الإخباري للمعرفة بدلاً من الطابع التحليلي أو العملي.

وعن المسؤولية، وزّع المواطنون المسؤولية على الأفراد والأسر (28%)، تلتها الحكومة الوطنية (24%)، ثم الشركات والمصانع (16%). وحول أسباب قصور الانخراط، حددت الدراسة عاملين رئيسيين: غياب المبادرات المحلية المنظمة (40%)، وضيق الوقت بسبب متطلبات الحياة اليومية (28%)، فيما اعتبر 3% فقط أن القضايا البيئية ليست أولوية لديهم.

رغم محدودية المشاركة الحالية، أبدى 63% استعداداً قوياً للانخراط مستقبلاً في الأنشطة البيئية، إذا ما توفرت الظروف المناسبة، مطالبين بـ زيادة المبادرات المحلية (28%)، تكثيف البرامج التعليمية والتوعوية (20%)، وتقديم دعم حكومي أوضح للعمل البيئي (20%).

تُظهر نتائج التقرير أن الوعي البيئي لدى المغاربة مرتفع ولكنه غير مترجم إلى أفعال ملموسة، وهو ما يشير إلى فجوة هيكلية بين الاهتمام الفردي والسياسات المؤسسية والبنية التحتية للأنشطة التطوعية. ويبرز التقرير أهمية تسهيل وصول المواطنين إلى المبادرات البيئية، وتعزيز ثقافة التطوع والعمل المحلي، وتوفير برامج تعليمية مستمرة لتعميق الفهم بالقوانين والسياسات البيئية، فضلاً عن دور الإعلام التحليلي في توجيه السلوك نحو العمل الملموس.

يمكن تفسير هذه الفجوة بأنها نتيجة غياب آليات تواصل منظمة بين السلطات والمواطنين، وضعف التنسيق بين القطاعين العام والخاص لتوفير فرص المشاركة البيئية. ورغم ذلك، يُعد استعداد أغلب المواطنين للانخراط مستقبلاً مؤشراً إيجابياً، يمثل فرصة استثنائية لواضعي السياسات والمجتمع المدني لسد الهوة بين الوعي والفعل، وبناء ثقافة بيئية فاعلة ومسؤولة قادرة على مواجهة تحديات تغير المناخ في المغرب.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button