‏آخر المستجداتلحظة تفكير

محمد نجيب كومينة: مجلس الصحافة الذي يريدون.. مؤسسة بوليسية تتجاوز حدود التنظيم الذاتي

مشروع القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة يؤسس للفاشية القائمة على أساس المال ورضى السلطة. المجلس المقبل سيكون والحالة هذه مكلفا بالقطيعة مع ظهير حرية الصحافة الصادر، ضمن ثلاثة ظهائر متعلقة بالحريات العامة، و مع امتدادها في الدستور المغربي، كي يفرض في هذا البلد، الذي افتخر تاريخيا بتعددياته التي لم تسقطها سنوات الرصاص، و الانتقام من كل رأي يخرج عن خط محدد وعن الاجماع حتى فيما لا يمكن حصول إجماع حوله حتى وسط جماعة، فأحرى في مجتمع يحتفظ بطابعه المركب (composite)، بل وصار أكثر تركيبا من المجتمع الذي كان موضوع بحث باسكون و بودربالة ولازاريف والحليمي والخطيبي وغيرهم.

ومحتويات هذا المشروع، الذي يسبق المشروع المتعلق بحرية الصحافة والنشر، تفضح ميلا انتقاميا يسقط الماضي على المستقبل و يروم إسكات اي صوت لا يردد ما يرغب فيه من يسيطرون على الثروة والسلطة ويعتبرون المغرب ملكية خاصة، وليس وطنا يجمع كل المغاربة. ويتوحد كل مواطنيه للدفاع عن وحدته ومصالحه وعلى تنميته وإقامة العدالة بين مختلف مكوناته وضمان حريات وحقوق الجميع بناء على قواعد دستورية وقانونية متوافق عليها وتحظى بالقبول الجماعي.

المجلس الذي يريدونه، مجلس لا يرغبون في أن يكون مؤسسة للتنظيم الذاتي مستقلة عن الحكومة أو أي جهة أخرى لاصلة لها بالصحافة، ولا حتى في أن يكون مؤسسة تخضع لتدبير مشترك (co-gestion )، بل يرغبون في أن يكون عصا في يدهم يسلطونها على من يعارض فرض مايريدون فرضه على البلد،. كي تسود الرقابة الذاتية ويصبح كل ما يكتب وما يقال ومايصور نسخة كاربونية باهتة ورديئة لأصل سلطوي تسلطي مصنوع من طرف من تعتبرهم السلطة.خبراء في صياغة الخطاب الوحيد الحامل للرأي الوحيد المسموح بتداوله.والترويج له، حتى ولو كان متقادما ومتلاشيا، وقائم على الجهل المركب بما حفر مجرى عميقا في عالم اليوم والغذ ، وصار محددا ليس فقط للانخراط في العولمة، التي تعاد صياغتها، وليس إقبارها كما قد يخيل لعقول قاصرة ومسكونة بالحشرات.

المجلس الوطني للصحافة الذي يهيئونه بمشروع القانون سالف الذكر يريدونه مؤسسة بوليسية. تتجاوز حدود التنظيم الذاتي كما هو متعارف عليه في التجارب المقارنة ويتولى مهام من اختصاص القضاء وحده إذا كان الاحتكام للدستور. ولتراتبية القوانين المنصوص عليها فيه ساريين دائما ومستوعبين من طرف الحكومة ووزرائها وخبراء جوج فرنك الذين أعدوا هذه الكارثة و صاغوا مذكرة التقديم الغبية التي تقول بأن الحكومة تصرفت خارج الدستور. عندما نصبت اللجنة المؤقتة. وأنها بهذا المشروع تستدرك وكان القانون المغربي رجعي،. أو أنه يمكن التغطية على تجاوز مؤكد ومعترف به في المذكرة وثنايا المشروع بشكل بعدي.

وحين تكون هذه المؤسسة ذات طابع بوليسي، أي مكلفة بالقمع والمنع والمطاردة، مع احتمال تجاوزها لحدود الصحافة التقليدية و الالكترونية. إلى التدوين بمختلف أشكاله وفقا لما تسرب عن المشروع الذي يبدو أن الامانة العامة لم تخضع لضغط الوزير المعني للاسراع بإدراجه في مسار مصادقة الحكومة عليه، فإنها ستضفي على الدولة المغربية طابع الدولة البوليسية الذي عملت على نزعه بمبادراتها الاصلاحية مند دستور 1992 وإحداث المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، الذي رقي بدستور 2011 إلى مؤسسة وطنية، إلى جانب قيامه بالملاءمة مع الاتفاقيات الاساسية المتعلقة بحقوق الانسان و إقراره لسمو الاتفاقيات التي تتم الملاءمة معها على القانون الداخلي ووضعه لأسس سياسة جنائية تتلاءم وهذه الالتزامات الدولية.

وعندما نقول بأن طابع المجلس المراد إحداثه، و الذي سيكون تحت سيطرة هيئة واحدة من الناشرين ذات الارتباطات المعروفة التي ستنتدب وتعفى من المنافسة مع هيئات الناشرين الأخرى، الاكثر تمثيلية منها عدديا ومهنيا وليس ماليا ونفوذا وتداخلا مع المسيطرين على كل الاقببية وعلى الثروة، هو طابع بوليسي من شأنه أن يضفي على الدولة. طابع الدولة البوليسية، موضوعيا وليس من باب المبالغة اللفظية، فإنه يحق التعبير عن التخوف من تسرب المنطق الفاشي بواسطة الخبرة المستعملة، سواء فهم الوزير ومعه الحكومة ذلك أم لا.

يجب أن نؤكد من جديد أن التموضع ضمن الدول العصرية الديمقراطية، وهو ماتتطلبه مصلحة وطننا وهو يخوض معركة الوحدة ويسعى إلى رفع تحديات التنمية داخليا وتحسين تموقعه الاستراتيجي ونفوذه الجيوسياسي في عالم يتحول، يستدعي التقدم. على طريق بناء دولة القانون والمؤسسات ، وليس النكوص والعودة. القهقرى، وضمان استقلال المجتمع ومنظماته. استقلالا حقيقيا ومحميا من كل ميل إلى التتسلط والطغيان.

هذا ما أكده الآباء المؤسسون للفكر الديمقراطي، من لوك ومونتسكيو وكانت ودي توكفيل وغيرهم، الذين تبلورت أفكارهم في ممارسات ومؤسسات، وهو ما يؤكده المؤسساتيون الجدد ذوي التاثير الكبير. على المؤسسات والسياسات. والتقارير الدولية اليوم، كدوغلاس نورث ووليس ودارين عاصم اوغلو و جونسون و داني رودريك و غيرهم من علماء السياسة والاقتصاد والاجتماع، وإذا تم الزيغ عن هذا الطريق بقراءة خاطئة وقصيرة النظر لللظرفية الدولية، فإننا سنكون مهددين بخسارة الكثير مما ربحناه،، ولا يجب أن ننسى أن ماربحناه. بعد مسلسل العدالة الانتقاليية والتصديق على الاتففاقيات الدولية لحقوق الانسان. الاساسية والاصلاح الدستوري الكبير سنة 2011 وتدبير ماسمي بالربيع العربي. ومظاهرات الحسيمة …. كبير على جميع المستويات عالميا، ومنه تقدمنا السريع على طريق حشد الاعتراف الدولي بوحدتنا الترابية وإفشال أوهام الجار الشرير وبيادقه.

عندما تكون حرية الرأي والتعبير مستهدفة، فإنه يستحيل على كل ديمقراطي ووطني غيور على إرث وطنه ومستقبل هذا الوطن أن يلزم الصمت. أو يدعي الحياد أو يتصرف بلامبالاة أو جبن. والا خان نفسه وقناعاته اولا وزكى بذلك التدهور والنكوص.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button