
(كش بريس/ وكالات)ـ دافع متحف البوسنة الوطني عن قراره بالتبرّع بأموال يجنيها من عرض مخطوطة يهودية ثمينة لسكان قطاع غزة.
وأفاد بأن عائدات بيع التذاكر لرؤية “ساراييفو هغاده”، التي تُعد من بين المخطوطات الدينية العائدة للعصور الوسطى الأعلى قيمة، سيتم التبرّع بها “لدعم سكان فلسطين الذين يعانون من إرهاب ممنهج ومحسوب ترتكبه دولة إسرائيل مباشرة وبدم بارد”.
وأثارت الخطوة انتقادات حادة، في وقت سابق هذا الشهر، وجّهتها منظمات يهودية، اتّهم بعضها المتحف بمعاداة السامية.
لكن مدير المتحف، ميرساد سياريتش (55 عامًا)، دافع عن القرار، مؤكدًا أنه تلقى العديد من رسائل الدعم من يهود حول العالم.
وقال لفرانس برس: “هل اخترنا أحد الجانبين؟ نعم قمنا بذلك”.
تسييس
ستتضمن تبرعات المتحف أيضًا ريع مبيعات كتاب عن الهغاده، وهو نص ديني يهودي يُقرأ على مائدة عيد الفصح.
وشدد سياريتش على أن الخطوة لا تستهدف اليهود “إطلاقًا”، بل هي رسالة معارضة لما يحصل في غزة.
وأضاف أن “التظاهر بالحياد يعني الوقوف مع الشر. ما يحصل في رأيي هو شر محض يتعيّن معارضته”.
نسخة من هغاداه سراييفو. 19 أغسطس/آب 2025. ا ف ب
وانتقدت عدّة منظمات يهودية إعلان المتحف، بما في ذلك “رابطة مكافحة التشهير”، التي اعتبرت هذا الأمر “تسييسًا” لـ”رمز للإرث والبقاء والتعايش”.
ولطالما كانت الهغاده، الموضوعة داخل خزانة زجاج في غرفة في المتحف مصممة خصيصًا للمخطوطة، رمزًا ثمينًا للتنوّع في ساراييفو ذات الغالبية المسلمة، وحيث يقطن أقل بقليل من ألف يهودي.
رمز “للحياة المشتركة”
وتروي صفحات الهغاده المصنوعة من الرقّ والمحفوظة بعناية قصة خلق العالم وخروج العبرانيين من مصر.
ويُعتقد أن المخطوطة العائدة إلى العام 1350 والمزيّنة بتفاصيل دقيقة كُتبت قرب برشلونة وجلبها يهود طُردوا من إسبانيا عام 1942 إلى ساراييفو.
ونجت من النازية، وتمّ الحفاظ عليها أثناء القصف الكثيف خلال الحرب البوسنية في التسعينيات.
ووصف رئيس الجالية اليهودية البوسنية جاكوب فينشي الخطوة بأنها “غريبة” و”مهينة نوعًا ما”.
واعتبر أنها “تشوّه سمعة ساراييفو وسمعة ساراييفو هغاده، الكتاب الذي كان شاهدًا، على مدى سنوات عديدة، على طابع ساراييفو المتعدد العرقيات وحياتنا المشتركة”.
وتابع: “سمعت انتقادات كثيرة (للخطوة).. لم أرَ أي إشادات”.
وبعدما بقي لسنوات طويلة محفوظًا في مكان آمن بعيدًا من الأنظار، بات الوصول إلى الكتاب ممكنًا أكثر منذ فُتحت الغرفة الخاصة به عام 2018، بعد عملية تجديد غطّت فرنسا تكاليفها.
وما زال يجذب الزوار والأكاديميين إلى المتحف.
وقالت عالمة المصريات الإيطالية سيلفيا إناودي، بعدما اطّلعت على المخطوطة: “أعتقد أنها وسيلة لدعم الفلسطينيين في غزة”.
من جانبه، قال الزائر الفرنسي بول إيليك: “غزة، لمَ لا؟”، مضيفًا: “إنها مسألة صعبة في الوقت الحالي. لكن هناك أيضًا العديد من الأماكن الأخرى حيث يعاني الناس”.
وأشعل حرب غزة هجوم “حماس” في تشرين الأول/أكتوبر 2023 على إسرائيل، والذي أودى بـ 1219 شخصًا، معظمهم مدنيون، بحسب حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسمية.
ومن بين 251 شخصًا احتُجزوا رهائن ونُقلوا إلى غزة في الهجوم، لا يزال 49 في القطاع، فيما قال الجيش الإسرائيلي إن 27 منهم لقوا حتفهم.
وأودت العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، التي انطلقت ردًا على الهجوم، بـ 62819 شخصًا في القطاع حتى الآن، معظمهم مدنيون، بحسب بيانات وزارة الصحة في غزة والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
(أ ف ب)