‏آخر المستجداتلحظة تفكير

دعبد الجليل هنوش: الحكامة في الجامعات!!

تشكل الحكامة العقدة الجوهرية التي تعاني منها جامعاتنا على مدى عقود، ولم تفلح أي وصفة في حلها أو تصحيح مسارها، وذلك للأسباب الآتية:

– جهل غالبية المسؤولين من وزراء ورؤساء وعمداء بعلم التدبير وما بتعلق به من أمور التسيير، فهم غالبا يأتون الى هذه المناصب عبر تعيينات أو غيرها بطرائق تثير كثيرا من الملاحظات ليس هذا أوان كشفها، وقد أدى الجهل بأساليب التدبير الحديثة الى ارتمائهم في أحضان مكاتب دراسات لا تمتلك هي نفسها المعرفة العلمية الضرورية في هذا المجال وإنما تمتلك المعرفة التقنية لصياغة التقارير وتزويق البرامج، ولذلك تفشل جميع الجهود خلال العقود السابقة.

– لم يتمكن المسؤولون من الاقتناع بمسألة الحكامة وأنها حجر الزاوية في أي إصلاح، فطفقوا يبحثون عن الإصلاح في جوانب أخرى بيداغوجية تعد ثانوية وناتجة عن نمط التدبير، ولذلك تجدهم يغيرون من تصوراتهم لهذه الجوانب الثانوية كل سنتين أو ثااث.

– غلبة التصور الشكلاني لدى غالبية المسؤولين الجامعيين ولذلك تجدهم يهمشون كل من ينتقد نظرتهم الشكلانية ويوجههم الى عمق الأمور وغورها.

– من هذه الشكلانية ظنهم أن تغيير اسم الوزارة له أهمية كبيرة فمرة يسمونها وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي ، ومرة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ومرة وزارة التعليم العالي والبحث والابتكار وهي التسمية الحالية التي وضعها شخص يعتمد على الإبهار الشكلاني للخداع وإخفاء جهله ، والأولى هو تسميتها باسم بسيط هو وزارة التعليم العالي بغير حاجة الى أي زيادة، فالتعليم العالي يتضمن البحث العلمي بغير حاجة الى ذكره.

وقد كان القانون 01.00 القديم أقل سوءا ربما بسبب وجود أطر قانونية في الوزارة كان على رأسها رجل قانون فريد هو الأستاذ الحسين بنعلي مدير الشؤون القانونية بالوزارة والذي كان يحرص على سلامة الصياغة القانونية للقوانين والمراسيم والقرارات، بينما نجد القانون الجديد المقترح أكثر سوءا في جانب الحكامة ، حيث تم الأخذ فيه بنماذج تدبيرية متعارضة بعدها نقل من تجارب خليجية وبعضها من تجارب غربية ولكنها غير منسجمة وغير مفكر فيها وفي عواقبها، ولذلك أتوقع أن يكون تدبير الجامعات في حال إقرار هذا القانون أكثر تعقيدا والمشاكل التي ستنجم عنه أكثر خطورة من الوضعية الحالية، وبسبب كونه تصورا يجمع أشياء متناقضة بالإضافة الى كونه غير شمولي فإنني أتوقع أن يأتي من يطالب بتغييره قريبا جدا.

لا مناص في الإصلاح من مقاربة تشاركية حقيقة وليس صورية، ومن بناء تصور شمولي يتضمن جميع المكونات البيداغوجية والعلمية والاجتماعية ، ومن تبسيط التصور التدبيري العام بدلا من ربطه بمكونات لا علاقة لها بالعلم خارج الجامعة نقلا عن تجارب عربية في بلدان لم تسجل جامعاتها أي تقدم حقيقي سوى التبعية العمياء للنماذج الغربية.

لا بد من بناء تصور وطني حديث يستند الى العلم فيما يتصل بالحكامة في الجامعة ، تصور يقطع تماما مع الممارسات الحالية ويؤسس لنموذج أخلاقي حديث ومتقدم في تسيير الجامعات.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button