
(كش بريس/خاص)ـ تشهد الساحة المغربية مجددًا جدلًا واسعًا بعد إعلان حركة المقاطعة في المغرب عن رسو سفينتين تابعتين للشركة الدنماركية العملاقة “ميرسك” بميناء طنجة المتوسط، اليوم الأحد. ويأتي هذا التطور في ظل اتهامات متزايدة للشركة بتورطها في عمليات نقل عتاد عسكري من الولايات المتحدة الأمريكية إلى قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يضع المغرب في قلب نقاش حساس يتعلق بمدى انخراط موانئه في أنشطة مرتبطة بالحرب على الفلسطينيين.
خلفية الحدث
حركة المقاطعة (BDS المغرب) أوضحت في بيانها أن سفن “ميرسك” ليست مجرد ناقلات تجارية عادية، بل أصبحت جزءًا من شبكة لوجستية تخدم بشكل مباشر الآلة العسكرية الإسرائيلية. فالسفينة “ميرسك” سبق لها أن أنزلت حاويات موجّهة للاحتلال خلال توقفها السابق في طنجة، بينما قامت “نيستيد ميرس” بنقل شحنات نحو موانئ حيفا وأسدود المحتلتين، في ما وصفته الحركة بعملية “إسناد متكاملة” ضمن أسطول الشركة.
الموقف النقابي والشعبي
في هذا السياق، وجّهت الحركة نداءً مباشراً إلى عمال الميناء من أجل رفض استقبال السفينتين، مؤكدة ثقتها في وعيهم الوطني والتزامهم برفض كل أشكال التطبيع مع “سفن الإبادة”. وهنا يتجدد الرهان على دور النقابات والطبقة العاملة كقوة ضغط فعالة لإحباط أي محاولات لجر الموانئ المغربية إلى لعب دور لوجستي في خدمة الاحتلال.
الأبعاد السياسية والاقتصادية
الحدث لا يمكن قراءته بمعزل عن النقاشات السياسية والدبلوماسية التي يثيرها ملف التطبيع في المغرب. فمن جهة، يقدَّم ميناء طنجة المتوسط كأحد أكبر الموانئ الاستراتيجية في البحر الأبيض المتوسط، وواجهة اقتصادية للمملكة نحو إفريقيا وأوروبا. ومن جهة أخرى، يطرح استعماله كمنصة لعبور شحنات عسكرية نحو إسرائيل تساؤلات محرجة حول مدى استقلالية القرار الاقتصادي المغربي عن الشبكات الدولية للشركات متعددة الجنسيات.
كما أن تورط شركة كبرى مثل “ميرسك” يفتح النقاش حول مسؤولية الشركات العالمية التي تستغل موقعها في السوق لنقل الأسلحة والعتاد، متجاهلة التبعات الإنسانية والسياسية. وهو ما يجعل قضية مقاطعة هذه الشركات جزءًا من معركة أوسع لمساءلة دور الرأسمال العالمي في تغذية النزاعات.
المصالح الاقتصادية وضغوط الرأي العام
تحرك حركة المقاطعة في المغرب يعكس تصاعد الوعي الشعبي بخطورة الأدوار غير المباشرة التي يمكن أن تؤديها الموانئ الوطنية في دعم الاحتلال الإسرائيلي. وبينما يصرّ النشطاء على ضرورة منع “ميرسك” من استخدام الموانئ المغربية كجسر لوجستي، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى تجاوب السلطات والنقابات العمالية مع هذه المطالب، وحول قدرة المغرب على التوفيق بين مصالحه الاقتصادية وضغوط الرأي العام المناهض للتطبيع.