‏آخر المستجداتفنون وثقافة

حديدي: أفريقيا ليست فقيرة.. قراءة جديدة في فكر نكروما وصراع الهوية

(كش بريس/التحرير)ـ المقال الجديد للمفكر والإعلامي السوري المقيم بباريس صبحي حديدي، المنشور بصحيفة القدس العربي ليوم الإثنين 8 شتنبر الجاري بعنوان:” نكروما وعبد الناصر: ألوان افريقيا وهوياتها”، يستعرض تجربته البحثية في غانا مطلع التسعينيات، والتي ألهبت اهتمامه بالثقافة والسياسة والمجتمع الغاني، وبشكل خاص شخصية الزعيم الغاني كوامي نكروما (1909-1972).

يُبرز المقال قول نكروما الشهير: «يُقال مراراً إنّ أفريقيا فقيرة. يا للكلام الفارغ! أفريقيا ليست فقيرة، بل الأفارقة هم الفقراء»، كتعبير عن وعيه العميق بالهوية الأفريقية وواقع القارة.

يتناول حديدي قراءة كتاب هوارد فرنش “التحرّر الثاني: نكروما، الجامعة الأفريقية، السواد الكوني في مدّه العالي”، الذي يقدم دراسة شاملة لشخصية نكروما، وخياراته السياسية، وعلاقاته بالولايات المتحدة، والاتحاد السوفييتي، وإسرائيل، فضلاً عن رؤيته لقضايا السود في أفريقيا والشتات الأفريقي في الولايات المتحدة. الكتاب يفتح نافذة لفهم البُعد الأفريقي في العالم العربي من خلال مقاربة عبد الناصر وموقعه في الصراع على الهوية الأفريقية.

المقال يسلط الضوء على الجدل حول الهوية الأفريقية لمصر في زمن عبد الناصر، مقارنة بالموقف الغاني، مشيرًا إلى آراء مناظرين أفارقة مثل النيجيري أوبافيمي أولو، الذي اعتبر الوحدة الأفريقية مغايرة لمفهوم الوحدة العربية التي كان عبد الناصر يدعو إليها. يؤكد نكروما بدوره على أن أي قوة تاريخية لن تستطيع تحويل شبر من أفريقيا إلى امتداد لقارة أخرى، في موقف يعكس وضوح الرؤية الأفريقية المستقلة.

ويبرز حديدي الفارق بين شمال أفريقيا (مصر) وغرب وجنوب الصحراء الكبرى: مصر، رغم التزامها بسياسة الجامعة الأفريقية، تبقى أقل أفريقية بسبب امتدادها الحضاري المشرقي، وتأثير الفتح الإسلامي عليها، وانخراطها العميق في سياسات العالم العربي، إضافة إلى الغَربَنة في نخبها، مقارنة بالانتماء الأفريقي العميق في غانا ودول جنوب الصحراء الكبرى.

المفارقة التي يبرزها المقال هي أن مصر عبد الناصر، رغم كل ما سبق، أصبحت من أكثر الدول شمال إفريقية دفاعًا عن مفهوم الجامعة الأفريقية، بما يعكس براعة عبد الناصر في تحليل معطيات موقع مصر الاستراتيجي بين آسيا وأفريقيا. ويشير المقال إلى أن عبد الناصر، رغم انتمائه التاريخي المصري، كان أفريقيًا بمعنى التضامن والتحرر، كما كان نكروما أفريقيًا بالمعنى التاريخي العميق للهوية الوطنية الجديدة في غانا.

يخلص حديدي إلى أن الكتاب نافذة رحبة لفهم التنوع الثقافي والسياسي والألوان والهويات الأفريقية، ويكشف عن الترابط الجدلي بين الشرق الأوسط وأفريقيا، الذي لم يدركه العرب أو الأفارقة في البداية، بل كان المستوطنون والقوى الاستعمارية هم السباقون إليه.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button