
(كش بريس/ التحرير)ـ سجّل المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC) خلال النصف الأول من سنة 2025 مؤشرات لافتة تؤكد حيوية الابتكار وريادة الأعمال في المغرب.
فقد أعلن المكتب منح 305 براءات اختراع ما بين يناير ويونيو، من أصل 1460 طلبا تم إيداعها في الفترة نفسها. وبيّنت النشرة نصف السنوية لـ“الملكية التجارية والصناعية” أن 199 طلبا مغربيا شكّلوا زيادة قدرها 50% مقارنة بالفترة نفسها من 2024، ما يعكس تنامي الوعي بقيمة الابتكار لدى الفاعلين المحليين.
هيمنة القطاعات الصيدلانية والجامعات
تُظهر البيانات أن قطاع المنتجات الصيدلانية تصدّر مجالات الإبداع بنسبة 30% من براءات الاختراع، متبوعًا بالكيمياء العضوية الدقيقة (13%)، ثم التكنولوجيا الحيوية ومواد المعادن (9% لكل منهما)، فيما لم تتجاوز مساهمة الآلات والأجهزة الكهربائية 5%.
أما من حيث هوية المودِعين المغاربة، فقد واصلت الجامعات المغربية ريادتها بحصة بلغت 67% من إجمالي الطلبات، متقدمة بفارق كبير على الشركات والأشخاص الذاتيين (15% لكل منهما) ومراكز البحث (3%). هذا المعطى يؤشر إلى الدور المحوري للمؤسسات الأكاديمية في تحريك عجلة البحث والتطوير، لكنه يكشف في الوقت ذاته ضعف مساهمة القطاع الخاص في الابتكار الصناعي.
56 ألف مقاولة جديدة في ستة أشهر
على مستوى النسيج المقاولاتي، سجل المغرب إحداث 56.672 مقاولة جديدة خلال النصف الأول من 2025، بينها 40.313 شخصا اعتباريا و16.259 شخصا ذاتيا، محققا نموًا لافتًا بنسبة 17.7% مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية.
وجاء هذا التطور مدفوعًا بزيادة 16% في تسجيلات الأشخاص الاعتباريين و22% لدى الأشخاص الذاتيين. واحتفظت الشركات ذات المسؤولية المحدودة بشريك وحيد (SARLAU) بالصدارة، إذ مثلت 65.3% من إجمالي الشركات المحدثة مقابل 64.7% سنة 2024، وهو ما يبرز تفضيل رواد الأعمال لصيغ قانونية تمنحهم مرونة أكبر وتحكما كاملا في رأس المال.
تمركز جهوي واضح
جهويًا، واصلت جهة الدار البيضاء–سطات قيادة المشهد المقاولاتي بحصة 39.2% من الشركات الاعتبارية المسجلة، تلتها الرباط–سلا–القنيطرة (14.1%) ومراكش–آسفي (13%).
أما في ما يخص الأشخاص الذاتيين، فقد تصدرت جهة طنجة–تطوان–الحسيمة بنسبة 19.2%، متبوعة بجهة الشرق (12%) ثم الدار البيضاء–سطات (11.1%).
قراءة في المؤشرات
تكشف هذه الأرقام عن دينامية مزدوجة:
- من جهة، تسارع الابتكار في ميادين حيوية كالدواء والتكنولوجيا الحيوية، مع دور بارز للجامعات كمحرك أساسي، وهو ما يفتح آفاقًا لتقوية الصلة بين البحث الأكاديمي والقطاع الصناعي.
- ومن جهة أخرى، انتعاش ريادة الأعمال بفضل تحسن مناخ الأعمال والإصلاحات الإدارية، بما يعزز النسيج الاقتصادي ويدعم خلق فرص العمل.
ويشير محللون اقتصاديون إلى أن التحدي المقبل يتمثل في تحويل هذه الحيوية الكمية إلى جودة إنتاجية، عبر دعم تمويل البحث والتطوير وتشجيع شراكات بين الجامعات والقطاع الخاص، إضافة إلى تحفيز الاستثمار الصناعي القادر على استيعاب الاختراعات وتحويلها إلى منتجات وخدمات تنافسية.
بهذه المؤشرات، يظهر الاقتصاد المغربي في منتصف 2025 أكثر قدرة على الجمع بين الابتكار والتوسع المقاولاتي، ما يرسخ موقع المملكة كقطب صاعد في المنطقة على مستوى براءات الاختراع وتأسيس الشركات.