‏آخر المستجدات‏المرأة وحقوق الانسان

“لستن وحدكنّ”.. نداء جمعيات بعد انتحار ضحية تسريب صور حميمية

(كش بريس/ التحرير)ـ هزّت مأساة انتحار شابة في مدينة خنيفرة، بعد تسريب صورها الحميمية دون موافقتها، الرأي العام المغربي وأعادت بقوة إلى السطح ملف العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي. الحادثة، التي وصفتها جمعيات نسائية بأنها جريمة مركّبة، تكشف فراغًا تشريعيًا وتقصيرًا مؤسساتيًا يتركان النساء والفتيات عرضة لابتزاز ممنهج وضغوط اجتماعية خانقة.

أعادت حادثة انتحار شابة في مدينة خنيفرة، عقب تسريب صور حميمية لها دون رضاها، إلى الواجهة قضية العنف الرقمي المبني على النوع الاجتماعي في المغرب، لتكشف من جديد ثغرات الحماية القانونية والاجتماعية التي تترك النساء والفتيات في مواجهة فراغ تشريعي وأدوات ابتزاز مدمّرة.

غضب مدني ورسائل مباشرة

جمعية “كيف ماما كيف بابا” عبّرت في بلاغ شديد اللهجة عن “أسفها العميق وغضبها” من الحادث، معتبرة أن ما وقع ليس استثناءً بل حلقة في سلسلة اعتداءات متصاعدة عبر الوسائط التكنولوجية، حيث تتكرر مظاهر الابتزاز والتحرش والإذلال العلني يوميًا.
الجمعية حمّلت الدولة مسؤولية غياب الحماية والإنصاف، مؤكدة أن “هذه الفاجعة كان يمكن تفاديها لو توفر الحد الأدنى من الردع القانوني والدعم النفسي”.

تشريعات متأخرة ومواد مثيرة للجدل

في صلب انتقادها، دعت الجمعية إلى إصلاح عاجل للقانون الجنائي لإدراج قضايا العنف الرقمي بشكل صريح، مع التشديد على إلغاء المادة 490 التي تُجرّم العلاقات الرضائية خارج الزواج، وترى فيها منظمات حقوقية أداة لترهيب ضحايا الابتزاز، إذ تمنع الكثيرات من التبليغ خوفًا من الملاحقة.
وطالبت الجمعية بإنشاء خلايا متخصصة للدعم النفسي والاجتماعي، وإطلاق حملة وطنية للتحسيس بخطورة العنف الرقمي، إضافة إلى فرض عقوبات رادعة على كل من ينتهك الحياة الخاصة أو يشارك في نشر الصور.

مأساة تكشف بنية العنف

تسلّط هذه الواقعة الضوء على تلاقي عنفين متوازيين:

  • عنف رقمي يتمثل في تسريب الصور والابتزاز الإلكتروني.
  • وعنف مؤسساتي يتمثل في قصور التشريعات وضعف إنفاذ القانون، ما يترك الضحايا معزولات أمام ضغط اجتماعي قاسٍ.

ويرى مراقبون أن استمرار هذه الحوادث يعكس فجوة بين سرعة التطور التكنولوجي وبطء الاستجابة القانونية، كما يفضح ثقافة مجتمعية تميل إلى لوم الضحية بدل ملاحقة الجاني.

صرخة إلى الضمير العام

اختتمت الجمعية بيانها برسالة مؤثرة: “إلى روح الشهيدة نرفع أصدق عبارات الرحمة والوفاء، وإلى كل الضحايا والناجيات نقول لستن وحدكنّ، أما إلى المسؤولين فنؤكد أن صمتكم وتقاعسكم هو مشاركة في الجريمة”.

الحادثة، التي هزّت الرأي العام، تطرح سؤالاً ملحًا حول مسؤولية الدولة والفاعلين المدنيين والإعلام في توفير منظومة حماية متكاملة: من قوانين مواكِبة للتكنولوجيا، إلى برامج تربوية توعوية، وصولاً إلى تغيير الذهنيات التي تبرّر الانتهاك وتُجرّم الضحايا.
إنها مأساة فردية لكنها مؤشر على أزمة بنيوية أوسع، حيث يتقاطع العنف الرقمي مع قضايا الحريات الفردية، ويمتحن قدرة المغرب على التوفيق بين حقوق الإنسان والتحولات الرقمية السريعة.



‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button