‏آخر المستجداتالمجتمع

تقرير حقوقي يُقرع ناقوس الخطر: المنظومة الصحية المغربية على حافة الانهيار

(كش بريس/ التحرير)ـ

في خطوة اعتبرها متابعون ناقوسَ خطر حقيقياً، كشف المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان، في تقرير علمي أعدّته لجنته المتخصصة، عن صورة قاتمة لأوضاع القطاع الصحي العمومي بالمغرب، محذّراً من أزمة بنيوية “خانقة” تهدد الحق الدستوري في الصحة والحق في الحياة، وتضع البلاد في خانة خرق التزاماتها الدولية، خصوصاً ما تنص عليه المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

مستشفيات تتحوّل إلى فضاءات للمعاناة

التقرير يصف المستشفيات المغربية، من المحلية والإقليمية إلى الجامعية، بأنها فضاءات للمعاناة بدل العلاج؛ إذ تتوالى شهادات مرضى وأسرهم عن الإهمال والرشوة وسوء التدبير، وصولاً إلى التعنيف والإهانة، في غياب رؤية إصلاحية حكومية حقيقية. ويؤكد أن الأزمة لم تعد حبيسة مستشفى الحسن الثاني بأكادير، الذي تصدّر أخيراً عناوين الاحتجاج، بل تشمل مختلف المؤسسات الصحية، مهددةً السلم الاجتماعي بشكل غير مسبوق.

اختلالات بنيوية مزمنة

أبرز التقرير قائمة طويلة من الأعطاب: إهمال وتسيّب، تفشي الرشوة والحسابات السياسية، ضعف الميزانيات وغياب الشفافية في صرفها، نقص الكوادر الطبية وبيئة عمل طاردة، غياب صيانة فعّالة للتجهيزات، ضعف الحوكمة، شحّ الرعاية النفسية والعقلية، وارتفاع أسعار الأدوية وعدم انتظام توفرها. ويرى المركز أن هذه المظاهر تجعل الأزمة هيكلية لا ظرفية، ما يهدد استمرارية الخدمة الصحية ويمسّ كرامة المواطنين.

توصيات جريئة للإصلاح

ولم يكتفِ التقرير بالتشخيص، بل قدّم خريطة طريق إصلاحية تبدأ بإقالة وزير الصحة الحالي وتعيين شخصية “ذات كفاءة وخبرة في سياسة الصحة العمومية”، مروراً بتشكيل لجنة وطنية متعددة الاختصاصات لتشخيص الاختلالات واقتراح توصيات استراتيجية، ووصولاً إلى:

  • تحسين بيئة العمل داخل المستشفيات ومحاربة الارتشاء والابتزاز.
  • رفع تدريجي لميزانية الصحة إلى 10% من الإنفاق العام بحلول 2030 مع آليات شفافة للصرف.
  • تعزيز الأجور والحوافز لوقف نزيف هجرة الأطباء ومنع الازدواجية مع القطاع الخاص.
  • إنشاء لجان صيانة مستقلة ومحاسبة المتورطين في جرائم الفساد.
  • توسيع خدمات الصحة النفسية ودمجها في التغطية الصحية الإجبارية.
  • مراقبة سوق الأدوية وإلزام الشركات بتوفير أدوية بأسعار عادلة تراعي القدرة الشرائية للمواطنين.

دعوة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

يختم التقرير بدعوة صريحة إلى “إنقاذ المنظومة الصحية قبل فوات الأوان”، معتبراً أن أي تأخر إضافي في الإصلاح قد يُحوّل أزمة الصحة إلى قنبلة اجتماعية، تُهدّد استقرار البلاد وتمسّ أحد أقدس الحقوق الإنسانية: الحق في الحياة.

بهذا التشخيص الحاد والتوصيات الجريئة، يضع المركز المغربي لحقوق الإنسان الكرة في ملعب الحكومة، وسط ترقّب شعبي وحقوقي لما إذا كانت ستتعامل مع الملف بعقلية “الطوارئ الوطنية” أم ستواصل سياسة الترقية بالمسكنات.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button