
(كش بريس/التحرير)ـ
رسّخ المهرجان الدولي المغاربي للفيلم بوجدة موقعه كإحدى أبرز التظاهرات السينمائية في شمال إفريقيا، بإعلانه عن دورة رابعة عشرة غنية بالرموز الفنية والرهانات الفكرية، تنطلق من 29 الشهر الجاري إلى 4 الشهر المقبل. وتأتي هذه الدورة تحت شعار: “من شاشة السينما تُبنى الجسور وتُروى القضايا”، في انسجام مع التوجيهات الملكية التي تشدّد على دور الثقافة والإعلام كقنوات للتقارب والتسامح بين الشعوب، بعيدًا عن الصور النمطية ومنطق الإقصاء.
تكريمات بأبعاد رمزية
يخصّص المهرجان مساحة واسعة للاحتفاء بأيقونات الفن العربي والمغاربي، يتقدمهم الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة الذي وصفه البيان الرسمي بأنه “رمز الموسيقى العربية الملتزمة المعاصرة”. كما يكرَّم عدد من الأسماء المغربية اللامعة: الممثلة ابتسام العروسي، الممثل ربيع القاطي، الممثلة سمية أكعبون، إلى جانب الأكاديمي بدر مقري، المتخصص في التثاقف وتاريخ الأفكار والأنثروبولوجيا الاجتماعية. هذه التكريمات تؤكد رغبة المنظمين في الاحتفاء بفنانين يجمعون بين الإبداع الفني والحس النقدي.
لجان تحكيم دولية
يترأس الأكاديمي المغربي عمر حلي لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، وتضم في عضويتها الممثلة والمخرجة البانا–إفريقية مايمونة نداي، والباحثة الأمريكية فلورنس مارتن، والمنتجة الفرنسية أنابيل توماس، والممثل والسيناريست الفرنسي أوليفيي لوستو.
أما لجنة تحكيم الأفلام القصيرة فيرأسها المنتج والسيناريست المغربي محمد بوزكو، بمشاركة المخرجة التونسية سونيا شامخي، والمخرج الأردني أحمد محمد أحمد الفالح، والممثلة الكازاخستانية سمال يسلياموفا، ما يمنح المسابقتين أفقًا مغاربيًا ودوليًا متنوعًا.
برنامج فكري وثقافي موازٍ
إلى جانب العروض السينمائية (18 فيلمًا بين الطويل والقصير)، يقترح المهرجان ندوات وموائد مستديرة، أبرزها ندوة كبرى حول شعار الدورة يديرها الأكاديمي مصطفى بن العربي سلوي، وأخرى حول الصناعات الثقافية والإبداعية بجهة الشرق بمشاركة خبراء سينمائيين ومستثمرين. كما يقدّم فقرة “ماستر كلاس” تجمع المدير العام لوكالة تنمية جهة الشرق والوزير السابق محمد امباركي، والفنانة مايمونة نداي، والموسيقار مارسيل خليفة.
ورشات تكوينية وحديث التكنولوجيا
تنفتح الفعاليات على التكوين عبر ورشات متخصصة: حاضنة أصوات الشرق لكتابة السيناريو وصناعة الفيلم، ورشة “تحويل الرواية إلى سيناريو”، وأخرى حول “التمثيل أمام الكاميرا”، وورشة مبتكرة بعنوان “الفيديو والذكاء الاصطناعي”، ما يعكس وعيًا بتحديات الإبداع السينمائي في زمن التحول الرقمي.
الثقافة المغاربية كفضاء للحوار العابر للحدود
يحمل مهرجان وجدة هذه السنة دلالات تتجاوز الاحتفاء بالسينما إلى تأكيد دور الثقافة المغاربية كفضاء للحوار العابر للحدود. فتكريم مارسيل خليفة، صاحب الأغاني الملتزمة لقضية فلسطين، يربط الذاكرة الفنية العربية بفضاء مغاربي يسعى لترسيخ قيم المقاومة الثقافية. كما تبرز المشاركة الأكاديمية الوازنة والورشات التقنية انفتاحًا على البعد المعرفي والتكنولوجي، ما يحوّل المهرجان إلى مختبر للتثاقف والإبداع الجماعي.
وبهذا التوجه، يكرّس المهرجان الدولي المغاربي للفيلم بوجدة صورته كمنصة تجمع بين الاحتفاء بالفن السابع، وصياغة خطاب ثقافي يوازن بين الهوية والانفتاح، والتقليد والابتكار، جاعلًا من شاشة السينما أداة لتقريب الشعوب وصون الذاكرة المشتركة.