‏آخر المستجداتالمجتمع

87 مليار درهم عائدات… ولكن لمن تذهب ثمار السياحة؟

(كش بريس/ التحرير)ـ أعلنت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني أن عائدات السياحة بالعملة الصعبة بلغت 87,6 مليار درهم مع نهاية غشت 2025، أي بزيادة 14 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من 2024. كما حقق شهر غشت حصيلة قياسية غير مسبوقة بقيمة 19,1 مليار درهم، مدعومة بارتفاع عدد الوافدين الذي تجاوز 13,5 مليون سائح خلال ثمانية أشهر، بزيادة 15 في المائة عن السنة الماضية.

هذه المؤشرات، التي قُدمت كدليل على “قوة الدينامية الحالية للقطاع”، تعكس بالفعل استرجاع السياحة لنَفَسها بعد سنوات من الاضطراب. غير أن القراءة النقدية تكشف حدود هذه الأرقام: فهي تبرز الجانب الكمي من المداخيل دون أن تتطرق إلى بنيتها وجودتها، أو إلى مدى انعكاسها على التشغيل، وتوزيع الثروة، والتنمية الترابية في وجهات سياحية مازالت تعاني هشاشة في البنية التحتية والخدمات.

كما أن تضخم العائدات بالعملة الصعبة لا يلغي الأسئلة المرتبطة بمدى استدامة هذا النمو، خصوصا في ظل هشاشة السياحة المغربية أمام الصدمات الخارجية، من تقلبات الاقتصاد العالمي إلى الأزمات الجيوسياسية والكوارث المناخية. والأهم أن البلاغ الوزاري لا يوضح كيف سيتم تحويل هذه الطفرة الرقمية إلى سياسة متماسكة تدمج السياحة في صلب استراتيجية تنموية أوسع، توازن بين جلب السياح الأجانب وتحفيز السياحة الداخلية، وبين استقطاب الاستثمارات والحرص على حماية النسيج الاجتماعي والبيئي للمناطق المستقبِلة.

بعبارة أخرى، تبدو الأرقام الرسمية مبهرة لكنها تظل “أرقام واجهة” إن لم تترافق مع سياسات عمومية تعالج الاختلالات البنيوية: ضعف الحكامة، موسمية النشاط، هشاشة التشغيل، وتفاوتات مجالية صارخة بين وجهات مستفيدة وأخرى مهمشة. فالمطلوب ليس فقط الاحتفاء بالطفرة السياحية، بل مساءلة شروط رسوخها وقدرتها على أن تصبح رافعة حقيقية للتنمية الوطنية الشاملة.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button