
(كش بريس/التحرير)ـ في خضم الحراك الاجتماعي المتواصل الذي تقوده فئة الشباب تحت مسمى “جيل زد 212”، دخلت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك على خط النقاش العمومي، معتبرة أن موجة الاحتجاجات الحالية ليست سوى تعبير جماعي عن سخط المستهلك المغربي من تردي جودة الخدمات العمومية، ولا سيما في قطاعي الصحة والتعليم.
وجاء في بيان صادر عن الجامعة، يوم الأربعاء 1 أكتوبر 2025، أنها تتابع باهتمام بالغ تطورات الحراك الاجتماعي الذي اتخذ من شبكات التواصل الاجتماعي وسيلة للتعبير عن الغضب الشعبي من سوء تدبير المرافق العمومية، مؤكدة أنها تضع نفسها كـ“قناة مؤسساتية وقانونية” لتلقي الشكايات ومعالجتها في إطار القانون.
البيان حرص على رسم حد فاصل بين الوسائل والغايات، إذ أدان بشكل صريح كل أعمال التخريب أو المساس بالممتلكات العامة والخاصة، لكنه في المقابل شدد على أن التعبير السلمي عن المطالب حقٌّ دستوري لا يمكن المساس به، مبرزًا أن واجب الإصلاح يجب أن يُمارَس داخل إطار الوحدة الوطنية والمسؤولية الجماعية.
وفي قراءة عميقة لمضمون البيان، يتضح أن الجامعة تسعى إلى تأطير الغضب الاجتماعي داخل المنظور الحقوقي للمستهلك، من خلال تحويل المطالب الاجتماعية إلى حقوق استهلاكية أساسية، تتعلق بالحق في خدمات صحية وتعليمية عادلة وذات جودة، تشمل جميع المواطنين دون تمييز، في المدن كما في القرى والمناطق النائية.
كما دعت الجامعة إلى توسيع البنية الصحية لمواكبة التحولات الديموغرافية، وتخفيض كلفة العلاج وضبط أسعار الأدوية، إلى جانب مراقبة جودة التعليم في مختلف الأسلاك وربط مخرجات المنظومة التعليمية بسوق الشغل، باعتبار ذلك جزءًا من الحق في الكرامة والعدالة الاجتماعية.
ولم تكتفِ الجامعة بالتوصيف، بل قدمت مقترحات قانونية عملية، منها تفعيل القانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك، الذي ينص على ضرورة إحصاء الشكايات وتتبعها بشكل رسمي، إضافة إلى تفعيل مقتضيات القانون 54.19، باعتباره ميثاقًا للمرافق العمومية يرسخ مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
واختتمت الجامعة بيانها بتأكيد أن “التغيير الحقيقي يبدأ من القرب ويتحقق عبر السلوك الواعي داخل المجتمع”، في رسالة توحي بأن الوعي الاستهلاكي أصبح مدخلًا جديدًا للفعل الاجتماعي والسياسي في المغرب، وأن المطالبة بإصلاح الخدمات لم تعد مجرد شعار احتجاجي، بل حقًّا مدنيًا وإنسانيًا يجب أن يجد صداه في السياسات العمومية.
وبذلك، يطرح تدخل الجامعة المغربية لحقوق المستهلك سؤالًا مركزيًا في الراهن المغربي:
هل يمكن للبعد الحقوقي والاستهلاكي أن يتحول إلى قوة اقتراحية تضغط في اتجاه إصلاح المرافق العمومية وتجويد الخدمات؟ أم أن أصوات المؤسسات الوسيطة ستظل محدودة الأثر أمام دينامية الشارع التي تعيد تعريف مفهوم المواطنة من زاوية الكرامة اليومية للمواطن؟