‏آخر المستجداتبقية العالم

نداء الكرامة الإنسانية: حين يتحوّل أسطول الصمود إلى اختبار للضمير العالمي

(كش بريس/التحرير)ـ في لحظة يتقاطع فيها الإنساني بالسياسي، والحقوقي بالأخلاقي، ارتفعت أصوات 98 شبكة ومنظمة عبر العالم مطالِبة بالإفراج الفوري عن المشاركين في أسطول الصمود العالمي، الذين اختطفتهم قوات الاحتلال الصهيوني في واحدة من أكثر صور الانتهاك وضوحا وفجاجة للقانون الدولي الإنساني. وبينما تتجه الأنظار إلى ردود الفعل الرسمية الباردة، صدح صوت الحزب الاشتراكي الموحد في المغرب برسالة مفتوحة تطالب بتدخل فوري لإنقاذ الحقوقي عزيز غالي، أحد رموز العمل الحقوقي، الذي تشير التقارير إلى تعرضه لسوء معاملة وتعذيب داخل سجون الاحتلال.

لم يكن البيان المشترك للمنظمات الحقوقية مجرد إعلان تضامن رمزي، بل وثيقة إدانة أخلاقية وسياسية صريحة لسياسة الإفلات من العقاب التي يمارسها الكيان الصهيوني منذ عقود، ولعجز المنظومة الدولية عن فرض احترام أبسط مبادئ العدالة الإنسانية. فالبيان يرى في الهجوم على أسطول الصمود — الذي شارك فيه ممثلون عن 44 دولة — انتهاكاً فادحاً لقانون البحار وللقانون الدولي الإنساني، وخرقاً سافراً لحرمة المبادرات المدنية التي تحمل رسالة سلام وإنسانية لا لبس فيها.

وتحمل هذه المواقف، بما فيها الموقف المغربي، دلالات تتجاوز الحدث الآني. فهي تكشف عن تصدّع أخلاقي عالمي في التعامل مع القضية الفلسطينية، وعن هشاشة الخطاب الحقوقي حين يصطدم بمنطق القوة والمصالح. إن دعوة المنظمات إلى التحرك العاجل من أجل الإفراج عن المحتجزين ووقف حرب الإبادة وفتح الممرات الإنسانية نحو غزة، ليست فقط صرخة ضد الجريمة، بل هي مرافعة من أجل إعادة تعريف الإنسانية ذاتها، في زمن باتت فيه القوانين الدولية تُفرغ من مضامينها أمام منطق الاحتلال والعنصرية الممنهجة.

أما في السياق المغربي، فإن رسالة الحزب الاشتراكي الموحد تأتي لتعيد طرح سؤال الدور الوطني والدبلوماسي في حماية المواطنين والحقوقيين المغاربة خارج الحدود. فالاحتجاز القسري لعزيز غالي، وما رافقه من أنباء عن التعذيب وسوء المعاملة، يمثل اختباراً صارخاً لقدرة الدولة على تفعيل آلياتها القنصلية والدبلوماسية دفاعاً عن كرامة مواطنها، وعن المبادئ التي طالما أعلنت التزامها بها على المستوى الدولي.

في العمق، ليست قضية عزيز غالي سوى مرآة لمدى اتساق الموقف الوطني مع القيم الكونية للحرية والعدالة. فكما يدين المغرب جرائم الاحتلال في المحافل الدولية، يُنتظر منه أن يكون أكثر حسماً في حماية رموزه الحقوقية الذين اختاروا الاصطفاف إلى جانب الضمير الإنساني.

ختاماً، يضع أسطول الصمود العالمَ أمام امتحان قاسٍ: فإما أن تنتصر الشرعية الدولية لرسالتها الأخلاقية، أو تستسلم لصمت يعادل التواطؤ. وفي الحالتين، يظل السؤال الجوهري قائماً: هل لا تزال للإنسانية قدرة على أن تصمد أمام منطق القوة، كما صمد أولئك الذين حملوا رايتها في عرض البحر، باسم الحرية والكرامة؟

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button