
ـ هذه أهم بنود الاتفاق ـ
(كش بريس/وكالات)ـ في خطوة وُصفت بأنها نقطة تحوّل جديدة في مسار الحرب المستمرة على غزة منذ عامين، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، أن كلّاً من إسرائيل وحركة حماس قد وافقتا، عبر مفاوضات غير مباشرة جرت في القاهرة هذا الأسبوع، على تنفيذ المرحلة الأولى من خطة السلام الأمريكية الخاصة بالقطاع.
وبحسب إعلان قطر، التي شاركت إلى جانب مصر والولايات المتحدة وتركيا في جهود الوساطة، فقد توصل الطرفان إلى توافق شامل حول بنود وآليات تنفيذ المرحلة الأولى، بما يضمن وقف إطلاق النار، والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، وفتح مسارات المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وفي منشور له عبر منصّته “تروث سوشال”، اعتبر ترامب أنّ هذا الاتفاق يمهّد لـ “سلام قوي ودائم وأبدي”، مؤكداً أن إطلاق سراح الرهائن وسحب القوات الإسرائيلية إلى خطوط متفق عليها سيكونان باكورة “تحول تاريخي” في المنطقة.
تفاصيل الاتفاق: أبعاد إنسانية وسياسية
وفقاً لمصادر فلسطينية، يتضمّن الاتفاق عملية تبادل كبرى تقضي بأن تُفرج “حماس” عن 20 رهينة إسرائيلية على قيد الحياة دفعة واحدة، مقابل إطلاق إسرائيل سراح أكثر من ألفي أسير فلسطيني، بينهم 250 محكوماً بالمؤبد و1700 معتقلاً منذ اندلاع الحرب قبل عامين.
ويفترض أن تتمّ عملية التبادل هذه خلال 72 ساعة من بدء تنفيذ الاتفاق، على أن يشمل الاتفاق كذلك إدخال ما لا يقل عن 400 شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة خلال الأيام الخمسة الأولى بعد سريان وقف النار، مع إمكانية زيادة هذا العدد تدريجياً تبعاً للظروف الميدانية والإنسانية.
ويتضمّن الاتفاق أيضاً عودة النازحين من جنوب القطاع إلى مدينة غزة ومناطق الشمال فور بدء التنفيذ، ما يُعدّ مؤشراً رمزياً على محاولة إعادة الحياة إلى المناطق المدمّرة.
في المقابل، حذّرت “حماس” من أي محاولة إسرائيلية لـ “التنصّل أو المماطلة” في تنفيذ الالتزامات، مطالبة واشنطن بإلزام تل أبيب بكافة استحقاقات الاتفاق دون تأخير أو تحريف.
مرحلة ما بعد الاتفاق: حسابات الربح والخسارة
من جهته، أعلن المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أنّ المرحلة الأولى من الاتفاق “تمت صياغتها بدقة، وتمت المصادقة على كل بنودها وآليات تنفيذها”، مشيراً إلى أنّ التفاصيل النهائية ستُعلن لاحقاً بعد اجتماع الحكومة الإسرائيلية المقرر الخميس برئاسة بنيامين نتنياهو للمصادقة الرسمية.
أما على المستوى السياسي، فيبدو أن المرحلة الثانية من خطة ترامب — وفق تصريحات قيادي في “حماس” — ستبدأ فور بدء تنفيذ المرحلة الأولى، بما يشمل ملفات أكثر تعقيداً كـ نزع سلاح المقاومة والانسحاب الإسرائيلي التدريجي من غزة.
ترامب من جانبه ذهب أبعد من ذلك حين صرّح بأنّ “جميع الرهائن، أحياءً وأمواتاً، سيعودون الاثنين المقبل”، في نبرة توحي بمحاولة فرض إيقاع أمريكي سريع على مسار يبدو أكثر تعقيداً من مجرد تفاهم سياسي.
تحليل: بين وعود “السلام الأبدي” ومأزق التوازنات
الخطاب الأمريكي الذي قدّمه ترامب يندرج في سياق رؤية تبسيطية للسلام، تحاول إعادة هندسة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي ضمن مقولات “الربح المتبادل” و”المقايضة الإنسانية”. لكن جوهر الأزمة يتجاوز مجرد وقف نار أو تبادل أسرى؛ إذ تتعلق بإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي لغزة وإخضاعه لمعادلات النفوذ الإقليمي الجديدة، حيث تتقاطع المصالح الأمريكية والإسرائيلية مع أدوار وساطة عربية متزايدة.
الاتفاق في جوهره يحمل طابعاً إنسانياً عاجلاً لكنه في عمقه سياسي استراتيجي، إذ يُعيد طرح مسألة السيادة والتمثيل في غزة، ويضع حماس أمام اختبار واقعي بين الانخراط في منطق “التهدئة مقابل المكاسب” أو التمسك بخط المقاومة الذي تأسست عليه.
أما “السلام الأبدي” الذي تحدّث عنه ترامب، فيبقى رهين مدى التزام إسرائيل بالانسحاب الفعلي، وضمان استمرار تدفق المساعدات، ووقف الاستيطان والسيطرة العسكرية — وهي شروط طالما كانت النقطة الحرجة في كل مبادرات “السلام الأمريكي” السابقة.