
(كش بريس/التحرير)ـ حقق المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة إنجازاً كروياً استثنائياً، بعدما نجح في بلوغ نهائي كأس العالم لهذه الفئة لأول مرة في تاريخه، إثر تفوقه المثير على نظيره الفرنسي بضربات الترجيح (5-4)، بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل (1-1). هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة عمل جماعي متكامل جمع بين الإعداد الذهني والانضباط التكتيكي والإرادة الجماعية التي وسمت أداء “أشبال الأطلس” طيلة البطولة.
تميز اللقاء بطابع درامي مشحون بالتوتر والإثارة، حيث جسّد اللاعبون المغاربة روحاً قتالية عالية جعلتهم يصمدون أمام قوة المدرسة الفرنسية ويقلبون موازين المباراة في لحظات حاسمة. وكان نجم اللحظة بلا منازع الحارس عبد الحكيم المصباحي، الذي تحوّل إلى بطل وطني بتصديه ببراعة لركلة الترجيح الأخيرة، مانحاً المغرب بطاقة التأهل إلى النهائي التاريخي. هذه اللقطة لم تكن مجرد مشهد رياضي عابر، بل لحظة رمزية تختزل معاني التضحية والإيمان بقدرة الجيل الجديد على صناعة أمجاد جديدة للكرة المغربية.
في المقابل، عبّر المدرب محمد وهبي عن فلسفة رياضية ناضجة تقوم على الواقعية والطموح، مؤكداً أن الهدف هو “العودة بالكأس إلى أرض الوطن”. لقد أبرز وهبي وعياً تكتيكياً متقدماً من خلال اختياره نهج الضغط الهجومي أمام منتخب فرنسا، ما مكّن الفريق من خلق فرص خطيرة كادت تحسم اللقاء في الوقت الأصلي، كما أظهر قدرة على ترسيخ روح الثقة دون التفريط في التواضع، وهي معادلة صعبة في عالم المنافسة الرياضية.
تحمل هذه اللحظة في جوهرها دلالات تتجاوز المستطيل الأخضر، إذ تعكس تحوّلاً في العقل الكروي المغربي، من منطق المشاركة الرمزية إلى منطق المنافسة على الألقاب، ومن عقدة “الكبار” إلى وعي جديد بقدرة الشباب على مجابهة القوى الكروية العالمية بندّية وإبداع.
وبينما ينتظر المغاربة النهائي المرتقب أمام الفائز من مواجهة الأرجنتين والبرازيل، يبدو أن “أشبال الأطلس” لا يسعون فقط إلى الفوز بالكأس، بل إلى إعادة صياغة صورة الكرة المغربية في الذاكرة العالمية، بوصفها مدرسة جديدة تصنع المجد بالإرادة والانضباط والجرأة.