
(كش بريس/خاص)ـ تواصل مؤسسة منصّات للأبحاث والدراسات الاجتماعية المغربية ترسيخ حضورها في المشهد العلمي الدولي، ضمن رؤية استراتيجية تقوم على الانفتاح المعرفي والتفاعل مع مدارس التفكير الاجتماعي المقارن. ويبدو هذا التوجه تجسيدًا لرهان المؤسسة على بناء شراكات أكاديمية مستدامة، تُسهم في تطوير البحث في قضايا التغيير الاجتماعي والنوع والأسرة، وتوسيع دوائر الحوار بين العلوم الاجتماعية المغربية ونظيراتها في العالم العربي وآسيا.
في هذا السياق، شارك الأستاذ الجامعي عزيز مشواط، مدير مؤسسة منصات، في المؤتمر الدولي المنعقد بين 26 و28 من الشهر الجاري في كلٍّ من إسلام آباد ولاهور بباكستان، وهو مؤتمر جمع نخبة من علماء الاجتماع، ورجال الدين، وممثلي المجتمع المدني، ومسؤولين رسميين، لمناقشة نتائج الدراسات المقارنة حول ظاهرة زواج القاصرات في العالمين العربي والآسيوي.
وقدّم مشواط مداخلة علمية معمقة حول التجربة المغربية في مقاربة زواج القاصرات، مستعرضًا المسار التاريخي والاجتماعي للنقاشات التي واكبت صدور مدونة الأسرة سنة 2004 وصولًا إلى تعديلات 2024، من زاوية تحليل سوسيولوجي يُبرز التفاعل الجدلي بين الدين والقانون والمجتمع في تشكيل الرؤية المغربية لهذه القضية الحساسة. فالمداخلة لم تكتفِ بوصف التحولات القانونية، بل قاربتها كنتاج لتحول أعمق في البنية الاجتماعية والقيمية، حيث تتقاطع المرجعيات الدينية مع مطالب الحداثة والعدالة الجندرية.
إلى جانب الجانب الأكاديمي، عقد مشواط لقاءات عمل رسمية في إسلام آباد مع رئيس جامعة المدينة والمدير العام لمعهد البحوث الإسلامية، بحضور باحثين وفعاليات ثقافية من دول متعددة، في أفق تبادل الخبرات وتعزيز التعاون البحثي المشترك. وتواصلت هذه اللقاءات في مدينة لاهور ضمن جلسات تشاورية مع باحثين وخبراء مشاركين في المؤتمر، لتعميق النقاش حول قضايا النوع والتغيير الاجتماعي في المجتمعات الإسلامية.
إنّ هذه المشاركة، بما حملته من محتوى علمي وتفاعلات فكرية، تعكس التحول النوعي الذي تعرفه مؤسسات البحث المغربية في اتجاه تجاوز المحلية نحو التموقع ضمن خرائط التفكير الاجتماعي المقارن عالميًا. فمؤسسة منصات، من خلال حضورها في هذا المحفل، لا تكتفي بتصدير صورة علمية للمغرب، بل تكرس فلسفة جديدة في البحث السوسيولوجي المغربي، تقوم على الانفتاح، وتبادل المعرفة، وبناء الجسور بين التجارب بدل الانغلاق على الخصوصية الثقافية.
تُبرز التجربة المغربية كما عرضها مشواط نموذجًا للتفاوض بين المرجعية والحداثة، وبين الموروث الديني والمطلب الحقوقي، وهو ما يجعل من مؤسسة منصات فاعلًا أكاديميًا يحمل مشروعًا يتجاوز حدود الجغرافيا نحو مواكبة التحولات الاجتماعية العالمية بروح نقدية وحوارية.





