‏آخر المستجداتفنون وثقافة

لوران موفينييه.. حين يعود الكاتب إلى بيت الطفولة ليحصد غونكور 2025

(كش بريس/خاص)ـ حصل الكاتب الفرنسي لوران موفينييه، أحد أبرز الأصوات السردية في الأدب الفرنسي المعاصر، على جائزة غونكور العريقة لعام 2025 عن روايته الجديدة “البيت الفارغ” (La Maison Vide)، وهي عمل ضخم يتجاوز 750 صفحة، يغوص في أعماق الذاكرة العائلية ويستعيد، بخيوط من الحنين والأسى، قرنًا من الحكايات الإنسانية المتوارثة.

قال موفينييه، البالغ من العمر 58 عامًا، وهو يتسلم الجائزة في لحظة امتزج فيها التواضع بالدهشة: «أنا في غاية السعادة، إنها مكافأة عظيمة لأنها رواية من طفولتي، تمتد جذورها عبر أجيال من العائلة والذاكرة».

كلماته تلك تختصر روح الرواية: بيت طفولي يتحوّل إلى استعارة للزمن، ومجاز لصمت العائلات، وللأماكن التي تفرغ منا قبل أن نفرغ منها.

وتفوّق موفينييه في المنافسة على أسماء أدبية وازنة، من بينها إيمانويل كارير، وناتاشا أبانا، وكارولين لامارش. غير أن لجنة الجائزة رأت في “البيت الفارغ” عملاً متفرّدًا من حيث قدرته على المزج بين السرد الواقعي والتأمل الفلسفي، في مقاربة للذاكرة الفردية بوصفها مرآة للذاكرة الجماعية الفرنسية.

ورغم أن قيمة الجائزة لا تتجاوز 10 يوروهات رمزية، فإن أثرها الثقافي يظل بالغًا؛ فالفوز بـ«غونكور» يعني الخلود الأدبي، وإعادة ولادة الكاتب في ذاكرة القرّاء، إذ سرعان ما تتحوّل الرواية إلى ظاهرة قرائية تتجاوز حدود اللغة الفرنسية.

لا يُعدّ موفينييه وافدًا جديدًا إلى عالم الأدب، فقد نشر قرابة عشرين عملاً، من أبرزها «قصص من الليل» (Histoires de la nuit)، التي استكشف فيها رتابة الحياة الريفية وهواجسها، و*«الرجال» (Des Hommes)* التي تناولت إرث حرب الجزائر، و*«في الحشد» (Dans la foule)* التي أعادت تمثّل مأساة ملعب هيسل عام 1985 من خلال عدسة إنسانية مكثفة.

إنه كاتب ينحت الزمن في اللغة، ويحوّل الأحداث التاريخية إلى تجارب داخلية نابضة بالوجع والدهشة.

وفي توازٍ رمزي مع تتويجه، مُنحت جائزة رينودو للكاتبة أديلايد دو كليرمون-تونير عن روايتها «أردت أن أعيش» (Je voulais vivre)، فيما آلت جائزة رينودو للمقال الأدبي إلى ألفريد دو مونتسكيو عن عمله «شفق الرجال» (Le crépuscule des hommes) — لتكتمل بذلك ثلاثية الأدب الفرنسي هذا العام في ثيمةٍ واحدة: الإنسان في مواجهة أفوله وزمنه.

إن فوز موفينييه بـ«غونكور» ليس مجرّد حدث أدبي، بل هو استعادة للزمن الفرنسي في أكثر صوره هشاشة وإنسانية؛ بيت فارغٌ من الساكنين، لكنه ممتلئ بالأصوات التي كانت، والتي لم تزل تهمس من بين جدران اللغة.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button