
(كش بريس/التحرير)ـ اختُتمت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة، يوم السبت 22 نونبر 2025، أشغال المؤتمر الدولي الأول حول “التكنولوجيا الرقمية.. صون الهوية والثقافة الوطنية”، الذي نظم بشراكة بين الكلية ومؤسسة “كش بريس” الإعلامية، بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء المهتمين بقضايا الرقمنة والتحولات الثقافية.

وعرف المؤتمر، الذي امتد ثلاثة أيام، نقاشاً واسعاً حول أثر التكنولوجيا الحديثة على الهوية الوطنية، في سياق عالمي تتسارع فيه التحولات الرقمية وتتزايد فيه المخاطر المرتبطة بإعادة تشكيل الوعي الجماعي، وتغيير أنماط إنتاج الثقافة وتداولها. واعتبر المشاركون أن تحديات العصر الرقمي لم تعد تقنية فحسب، بل تشمل أسئلة جوهرية تتعلق باللغة والذاكرة والانتماء، بما يجعل حماية الهوية ضرورة استراتيجية لضمان استمرار السردية الوطنية وسط عالم يعيد إنتاج الثقافة وفق شروطه الخاصة.

وصدر في ختام المؤتمر بيان تضمن حزمة من التوصيات العملية، همّت ثمانية محاور رئيسية:
في محور الهوية الوطنية، دعا المشاركون إلى إعداد ميثاق وطني للهوية الرقمية، وإطلاق برنامج للأمن الثقافي الرقمي يرصد التهديدات، إضافة إلى دعم الإنتاج الثقافي الرقمي المحلي.
وفي مجال التعليم والجامعة، أوصى البيان بإعادة تصور وظيفة المدرسة في عصر الذكاء الاصطناعي، وإحداث تخصصات جامعية في فلسفة التكنولوجيا وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وتطوير مناهج تراعي المهارات الرقمية والخصوصية الثقافية.

أما على مستوى التشريع والحقوق الرقمية، فقد طالب المؤتمرون بتحيين الإطار القانوني المرتبط بالذكاء الاصطناعي وحماية المعطيات الشخصية، واعتماد مدونة للأخلاقيات الرقمية توازن بين حرية التعبير ومحاربة الانتهاكات الرقمية.
وفي الجانب المعرفي والفكري، دعت التوصيات إلى تشجيع الأبحاث الفلسفية والسوسيولوجية حول أثر التكنولوجيا على الإنسان، وإحداث مرصد وطني لتحولات القيم الاجتماعية في الفضاء الرقمي.

وشملت التوصيات أيضاً محور اللغة والتراث، حيث تمت الدعوة إلى رقمنة التراث الوطني وتعزيز حضور اللغتين العربية والأمازيغية في الفضاء الرقمي ودعم الذكاء الاصطناعي المحلي.
وفي مجال الإعلام والمجتمع، شدد البيان على ضرورة إصلاح المنظومة الإعلامية بإدماج أدوات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التربية على المواطنة الرقمية، وحماية الفضاء العمومي من التضليل والخطابات المتطرفة.

كما أوصى المؤتمر بتقوية السيادة الرقمية عبر تطوير أدوات وطنية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، واعتماد استراتيجية وطنية للأمن السيبراني، وتشجيع الابتكار الرقمي المحلي.
أما في ما يخص العدالة الرقمية، فتم التأكيد على ضرورة تقليص الفجوة الرقمية بين الجهات، وتمكين النساء والشباب من فرص البحث والابتكار، وتعزيز خدمات الدولة الرقمية لترسيخ ثقة المواطنين في المؤسسات.

واعتبر البيان الختامي أن هذه التوصيات تشكل “أجندة وطنية أولية” لمواجهة تحديات العصر الرقمي وصون الهوية المغربية في زمن الذكاء الاصطناعي، داعياً إلى استمرار العمل الأكاديمي والمؤسساتي من أجل تطوير هذه الرؤية وتعزيزها في الدورات المقبلة.
وختم المنظمون بالإعلان عن تطلعهم إلى تنظيم نسخة ثانية من المؤتمر بآفاق بحثية أوسع وأسئلة أكثر جرأة، وبما يعزز حضور المغرب كفاعل في إنتاج المعرفة الرقمية لا كمستهلك لها.





