
في تدوينة جديدة للقيادية الاتحادية السابقة حسناء أو زيد، توقفت عند حدثين أثارا جدلاً واسعاً خلال أسبوعين متتاليين: أولهما شبهات استفادة شركة تابعة لزميل وزير الصحة من صفقة تزويد الوزارة بمادة كلوريد البوتاسيوم، وثانيهما ما كشفه الصحفي حميد المهداوي من تسجيلات توثق طريقة تعامل لجنة “الأخلاقيات” معه. وترى أو زيد أن الواقعتين، بما تضمنتاه من مؤشرات على تضارب المصالح وضعف احترام قواعد المهنة والعدالة، تقصمان ظهر فكرة دولة المؤسسات وتضعان أخلاقيات الفعل العام على المحك.
واعتبرت أبو زيد أن ما جرى ليس مجرد حادثتين معزولتين، بل يعكس أزمة بنيوية في النظام المؤسساتي، تتجسد في أمرين أساسيين: ضخّ نخب “هشّة أخلاقياً” تتولى، باسم الديمقراطية، تطويع الدستور والقانون لخدمة ديمقراطية شكلية؛ ثم تعطيل مبدأ المحاسبة عبر رهن تفعيله لإرادة القرار السياسي لا لسلطة المؤسسات الرقابية.
كما استعرضت أو زيد سلسلة أمثلة تؤكد هذا الخلل، من صفقات مشبوهة في القطاع الصحي، إلى تجنب أداء الضرائب، إلى تحويلات عقارية لصالح مسؤولين، وصولاً إلى قضايا تهم أحزاباً ومؤسسات وشخصيات متعددة. وتؤكد أن “ليّ عنق القانون” أصبح ممارسة يومية محمية بالنفوذ السياسي وبنخب تستثمر في هشاشتها الأخلاقية.
وفي سياق قضية المهداوي، انتقدت أو زيد الطريقة التي أدارت بها اللجنة جلساتها، معتبرة أنها تحوّلت من هيئة لضمان الأخلاقيات إلى جهاز ينفذ حكماً جاهزاً، بهدف تكييف الوقائع مع قرار مسبق، في خرق واضح لمبادئ الحياد واحترام القانون. وتشير إلى خطورة توثيق جلسات لا يُعلم إن كان المعني على دراية بتسجيلها، ولا كيفية تسريبها.
وخلصت أو زيد إلى أن ما تكشفه النازلتان هو أزمة نخب وأزمة في تفعيل العقد الاجتماعي الذي يفترض أن يؤطر علاقة الدولة بالمجتمع. وتُعبّر عن حيرة عميقة بشأن معنى الحق والعدل في زمن تُقدَّم فيه “المصلحة الوطنية” كذريعة لفصل السلطة عن الأخلاق، والقانون عن قيم الشفافية والنزاهة. وتقول إن المظلوم اليوم ليس المواطن فقط، بل “الحق نفسه” في ظل هذا الانحراف المتنامي.





