(كش بريس/التحرير)ـ كشف تقرير حديث لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عن تدهور مقلق في مؤشر حرية التعبير على الصعيد العالمي، مسجلا تراجعا بنسبة 10 في المائة منذ سنة 2012، بالتوازي مع حصيلة ثقيلة في صفوف مهنيي الإعلام، حيث قُتل 310 صحفيين خلال الفترة الممتدة من يناير 2022 إلى شتنبر 2025، من بينهم 91 صحفيا لقوا حتفهم خلال سنة 2025 وحدها، ما يعكس تصاعد منسوب العداء للصحافة وضعف آليات حمايتها.
وأوضح التقرير، المعنون بـ«الصحافة: تشكيل عالم يسوده السلام»، أن هذا التراجع العام ترافق مع ارتفاع لافت في منسوب الرقابة الذاتية بنسبة 63 في المائة، إلى جانب تشديد الحكومات والجهات النافذة قبضتها على الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإعلام الرقمي بنسبة 48 في المائة، في وقت تراجعت فيه الحرية الأكاديمية والفنية بنسبة 37 في المائة.
وحذرت اليونسكو من أن الصحفيين يواجهون طيفا متسعا ومتناميا من الانتهاكات، تشمل الاعتداءات الجسدية والرقمية والملاحقات القانونية، وصولا إلى التهجير القسري، مشيرة إلى أن 162 صحفيا قتلوا أثناء تغطية النزاعات، فيما تعرض 70 في المائة من الصحفيين البيئيين لهجمات مرتبطة بطبيعة عملهم.
وسلط التقرير الضوء على التحديات المستجدة التي يفرضها التطور التكنولوجي، مبرزا التأثير المتزايد للمنصات الرقمية والذكاء الاصطناعي على استدامة وسائل الإعلام وجودة المحتوى. وأظهرت المعطيات أن 87 في المائة من المستجوبين أعربوا عن قلقهم إزاء التضليل المرتبط بالاستحقاقات الانتخابية، وأن 67 في المائة تعرضوا لخطاب كراهية، في حين أفاد أكثر من 40 في المائة باستخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى الإعلامي.
كما سجلت المنظمة تعثرا في مسار تحقيق المساواة بين الجنسين، مؤكدة أن النساء ما زلن يواجهن أشكالا متعددة من التمييز والعنف، وهو ما يقوض، بحسب التقرير، حقوق الإنسان وحرية الإعلام وتعدديته، ويؤثر سلبا على المواطنة الواعية.
ورغم هذا التراجع العام، رصدت اليونسكو بعض المؤشرات الإيجابية، من بينها تمكين نحو 1.5 مليار شخص إضافي من الولوج إلى وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات التراسل بين عامي 2022 و2025، فضلا عن اعتراف 96 دولة من أصل 194 قانونيا بوسائل الإعلام المجتمعية إلى حدود السنة الجارية.
كما أبرز التقرير تنامي الصحافة الاستقصائية والتعاونية وظهور توجهات إيجابية، من بينها اعتماد نماذج الاشتراك المدفوع، مؤكدا في ختامه أن وجود ضوابط وتوازنات مؤسساتية قوية، تشمل برلمانات فاعلة وسلطات قضائية مستقلة، يظل شرطا أساسيا لصون حرية التعبير في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد الإعلامي العالمي.





