بشكل مكثف وسريع بدأت تتناسل العديد من التوقعات و القراءات السياسية الخارجية حول الأزمة الجزائرية المغربية، التي بدأت بوادرها منذ أواخر غشت بقطع العلاقات الدبلوماسية و القنصلية، إلى حدود منتصف شتنبر بمنع المجال الجوي الجزائري عن الطيران المغربي ، لتأخذ هذه الأخيرة نبرة حادة، تفي بظهور بوادر سيناريو الحرب لا قدر الله.
كما يُعرف في منظور العلاقات الدولية، وقف العلاقات الدبلوماسية وبعثاتها بين الدولتين يعني إعلان قرار الحرب ، وهذا ما تلوح به الجارة الشرقية عبر إيحاءات وإشارات جزائرية تشير إلى جر المغرب لحرب إقليمية مغاربية ، وذلك من خلال تحركها العسكري على الحدود الشرقية المغربية ، و كذلك تعزيز ترسانتها العسكرية بأسلحة دفاعية مضادة للصواريخ والطائرات على طول الشريط الحدودي مع المغرب . مناورات عسكرية جزائرية روسية على أراضيها باستعمال ذخيرة حية ، َيعتبر بعض الخبراء والمحللين في الشأن المغاربي ، بأن تحركات العسكرية الجزائرية ومناورتها الأخيرة تُفسر مدى اندفاعية الجزائر لتكرار سيناريو حرب الرمال 1963 و تداعياتها السياسية الخارجية على المحيط الإقليمي و شمال افريقيا.
مما لا شك فيه أن المغرب لا يرد على الاستفزازات الجزائرية العسكرية، في ظل انشغاله بترتيب بيته السياسي الدستوري و الحكومي إثر الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة التي أكد المراقبون الدوليون أنها كانت نزيهة وديمقراطية خصوصًا في مناطق الصحراء المغربية.
وقد لوحظ أن تقاربا عسكريا مغربيا أمريكيا بحضور إسرائيلي داخل ما يسمى ب ” التحالف الثلاثي الجيو العسكري المشترك “أثار غضب المخابرات العسكرية الجزائرية، الشيء الذي دفع الأخيرة لاقتناء المزيد من الأسلحة الروسية الصنع التي تتمثل في مضادات الصواريخ و مقاتلات الجو من طراز (سو 35 إن كا آ) زيادة على اقتناء رادارات الجيل الرابع لتعقب الطائرات الصينية الصنع.
هذا كله من أجل إعطاء إشارات لدول التحالف المغربي، بأن الجزائر الستينيات ليس هي جزائر اليوم. وأنها عازمة على الانتقام من خلال مناوراتها و تجديدها للعتاد الجوي و البحري مهما كان التحالف المغربي الأمريكي أو الإسرائيلي المغربي .
وأمام تميز موقف المغرب و مقاربته تجاه الاستفزازات العدائية و تسلح الجارة الشرقية، في ظل التغيرات الآنية الجيوسياسية اللا مستقرة بالمنطقة ، نلاحظ أن للمملكة المغربية لها الحق في التصدي لهذا التسلح الجزائري ، و ذلك عن طريق تحديث ترسانته الدفاعية الجوية و البرية و البحرية، و كذا تعزيز أدواته العسكرية التكنولوجية ، و إجراء مناورات عسكرية مشتركة ذات أبعاد استراتيجية دفاعية…
هذا كله يدخل ضمن مقاربة الردع و التصدي الاستباقي. و من هنا يمكن القول بأن الهدف من نهج مقاربة التصدي الاستباقي ليس انسياق نحو الطرح الجزائري لدخول في حرب وزعزعة الاستقرار بالمنطقة. عكس المغرب الذي يسعى إلى تحديث منظومته الدفاعية باعتباره قوة عسكرية إقليمية تطمح الى تحقيق السلام والاستقرار داخل المناخ المغاربي .
ختاما، لا يمكن استبعاد ما يحدث مؤخرا في منطقتنا المغاربية من سوء العلاقات المغربية الجزائرية التي وصل صداها إلى حد القطيعة الدبلوماسية و تنبؤات بمجريات دخول حرب إقليمية، ستُنهي مخرجات بناء مشروع الاتحاد المغاربي . إذن، كل هذه الظروف ستعصف بإعادة سيناريو جديد “لحرب الرمال” في انتظار بروز نظام إقليمي مغاربي جديد.