ضمن مشروع الاستراتيجية الوطنية لتكوين الاطر التربوية تم إطلاق البرنامج الأول الخاص بالاجازة التربوية في مهن التدريس في أكتوبر 2018 بعنوان “مدرس المستقبل” بهدف تلبية الحاجيات الملحة لقطاع التربية الوطنية من المدرسات والمدرسين والمرشدين النفسيين والاجتماعيين الاكفاء في حدود 200 الف مدرس في أفق 2028.
إلا أن هذه الاستراتيجية لا ينحصر دورها في هذا البرنامج ، فهي ليست إجازة في مهنة التدريس فقط ، بل هناك قطاعات حكومية أخرى تحتاج الى تكوينات تربوية متخصصة مثل وزارة الاسرة والتضامن والشؤون الاجتماعية التي تحتاج الى أُطر تربوية متخصصة في التربية الدامجة، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وتدبير الانشطة التربوية والتكوينية في مؤسسات الرعاية الاجتماعية للاطفال المتخلى عنهم ، وتعليم الكبار وغير ذلك،
كما تحتاج وزارة الثقافة الى مبدعين متميزين في تدبير الانشطة الثقافية في فضاءات دور الثقافة ، ومبدعين متخصصين في الكتابة والاعمال الدرامية والمسرحية الموجهة للاطفال ، ومدبرين للفضاءات الثقافية ودور الشباب وغيرها من المهن التي لم تعد تبنى على العمل الجمعوي والتطوعي.
وتحتاج وزارة الشبيبة والرياضة إلى متخصصين يحملون إجازة تربوية في مهن الرياضة وتدبير وتسيير الفضاءات الرياضية ، ومختصين في تدبير أنشطة الرياضة المدرسية والجامعية، وتنشيط المخيمات الخاصة بالأطفال والشباب،
ويحتاج قطاع الإعلام الى مختصين في إعداد وتقديم البرامج الاعلامية التربوية والثقافية في مختلف القنوات السمعية والسمعية البصرية،
ويحتاج قطاع الاوقاف والشؤون الاسلامية الى الاطر الكفأة المختصة في التدريس والتدبير يمؤسسات التعليم العتيق من الاولي الى الثانوي ،
وتحتاج وزارة الصحة الى مختصين في مواكبة الوضعية النفسية للاطفال والمسنين في المراكز الاستشفائية ذات الإقامة الطويلة في القطاعين العام والخاص ومختصين في الرعاية الصحية والنفسية للمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة ،
بل إن قطاع التربية الوطنية نفسه يحتاج الى متخصصين في مهن جديدة مثل مختصين في اعداد وتصميم الموارد الرقمية التعليمية في مختبرات المؤسسات التعليمية، ومنشطين للحياة المدرسية ، ومدبرين للفضاءات المدرسية وتقنيين مساعدين في التدبير المعلوماتي في الادارة التربوية والاقتصاد،
هذا بالاضافة إلى تكوين أُطر مؤهلة يمكنها انشاء مقاولات ذاتية صغرى ومتوسطة مختصة في مجال التعليم الاولي والتربية غير النظامية ومحو الامية وغيرها من مهن التربية والتكوين ،
فضلا عن حاجيات القطاع الخاص في مختلف هذه المجالات والتخصصات ،
ولهذا السبب تم إحداث جيل جديد من المدارس العليا سميت بالمدارس العليا للتربية والتكوين لتكون آفاق التكوين فيها مفتوحة على كل هذه التخصصات لتستطيع تلبية حاجيات كل هذه القطاعات الواعدة ،
ويبقى على الجامعات ان تعمل على تنويع وتوسيع العرض التربوي في الإجازة التربوية حتى تستجيب لهذه الحاجيات المتعددة والمتنوعة مع فتحها في وجه حاملي الاجازة على اختلاف تخصصاتهم ، مع توقيع اتفاقيات الشراكة والتعاون بين الجامعات والقطاعات الحكومية المعنية لتزويدها بالكفاءات التربوية المؤهلة ،
ومن شأن هذا التوجه أن يحدث آلاف مناصب الشغل في كل هذه الميادين والرفع من جودة خدماتها ،
فهل من مبادرات في هذا السياق تلبي هذه الانتظارات المعنية بمنظور مندمج ، انسجاما مع توجهات الاصلاح الذي انتقل بموجب القانون الاطار من إصلاح التعليم الى إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي التي تعني ثمانية عشر قطاعا حكوميا،