فنون وثقافة

موحى وهبي: حاشية على المنطق الصوري

مقدمة كبرى/ الأطروحة (قصة قصيرة)

لماذا يكون الذئب هو المخدوع أبدا والقنفذ هو الرابح والكاسب دوما؟

طرح السؤال على المجلس العلمي لجهة وادي الرمل الكبرى*، فتراطنوا، وتجادلوا، نتفت اللحى، ضربت العمائم بالأرض؛ ساد الهرج والمرج.. كاد رئيس المجلس أن يأمر برفع الجلسة..

ابتدأ النقاش بالمقارنة بين حجم الجمل ونقيضه القنفذ: أيهما أكبر وأيهما أصغر؟ وكيف لهذا الأخير أن يخدع الأكبر؟

انبرى المدافعون عن القنفذ بحجة: يجعل حكمته في أصغر خلقه! ألم يقل أسلافنا الكرام: أجسام البغال وأحلام العصافير؟

رأى بعض الشيوخ في هذا المثل همزا ولمزا، نظرا لكبر كروشهم وضخامة أعجازهم، فتصدوا يدافعون عن الجمل: الجمل صبور على الجوع والعطش*، مستشهدين برواية”التبر” لإبراهيم الكوني: لا حيوان ، بعد الكلب، أوفى لصاحبه من الجمل، وهو، إلى ذلك، أبي، لا يفرط في كرامته، مما يجعل البعض يقول عنه بأنه حقود. حاشاه ثم حاشاه ان يكون كذلك! وهو، فوق ذلك وبعده، الأداة التي اختارها الأسلاف الكرام لمعاقبة الجناة فيربطون إحدى رجلي الجاني إلى جمل عطشان والأخرى إلى جمل جوعان، ويضعون على مبعدة من الجائع علفا وعلى جانب العطشان ماء. وهكذا ينزع كل راغب إلى مقصوده فيتمزق جسد الجاني..

رد أصحاب القنفذ، وقد تشوكت منهم الجلود وازبأرت الشعور:

ليس لعاقل أن يصدق شقشقة جمل. ألم يضرب المثل بجهله؟ لو حاججتمونا بالناقة فلربما كنتم أقرب إلى الصواب. دعونا من تاريخ الجمل وفضائحه؟! لم يفن قوم بسبب جمل، بينما أبيدت حضارة، برمتها، بسبب ناقة. أفلا تتدبرون؟

هنا، بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين. تطايرت الكراسي واستحر لهيب المغامرة. واستعذب كل فريق نعمة الاستشهاد دفاعا عن حيوانه المفضل

.

المقدمةالصغرى/ نقيض الأطروحة:

رفعت الجلسة، اضطرارا، حتى يتم التفاهم على أن كلا من من القنفذ والجمل حيوان، وأنهما، مثل الإنسان، كما قال أرسطو:

– سقراط إنسان

– والإنسان حيوان

– إذن أرسطو حيوان

النتيجة/ نفي النفي:

أصدر المجلس توصية بتكوين لجنة لمتابعة الموضوع ورفع مقترحاتها إلى الدورة الخريفية المقبلة التي ستدشن على الساعة الثالثة بتوقيت الساعة الرملية.

ـــــــــــــــــــــ

* يقول كاتبه: أول موضوع إنشائي كتبه هو وصف جمل. ولم يكن، حتى ذلك الحين، قد رأى جملا في حياته. ومع ذلك قوم موضوعه ب” حسن جدا للغاية”!!

* وادي الرمل: اسم لمجموعة من الأودية، من ليبيا حتى المغرب الأقصى. ورد ذكره، أول ما ورد، في حكاية مدينة النحاس بألف ليلة وليلة.

‏مقالات ذات صلة

Back to top button